هو مألوف أن يأخذ الشخص أثر غيره وينسبه لنفسه، وهؤلاء الثلاثة قد نسبوا إلى الأستاذ أبو ماضي شعره وأثره ولكنهم انتفعوا بما أخذوا وربحوا منه مادياً ولم يشركوه في هذا الربح، بل إنهم ربما فوتوا عليه بهذا العمل ربحاً أكبر وأجزل حتى لو أشركوه معهم، وإذن فالسرقة سرقة مادية كسرقة المتاع.
وليس من قصدي أن أكيّف هذه السرقة من الناحية القانونية، ولكني أقول إنها على أي حال لصوصية جريئة يجب أن يعاقب مقترفوها كما يعاقب سارقو المال والمتاع، وإذا كانت قوانين الدول العربية كلها قد أغضت عن اعتبار هذه المسألة وتقديرها فإن من الواجب على الأدباء ورجال الفكر في العالم العربي أن يفزعوا لحماية أنفسهم وصيانة آثارهم بأن يتداعوا لوضع مشروع يدفع عنهم هذا الاستهتار، ويقرر عقاباً رادعاً لأولئك المستهترين أو فليتوجهوا إلى الجامعة العربية لإنجاز ما هي بسبيله من وضع قانون عام في الشرق العربي لحماية الملكية الأدبية.
لا تنتظروا حتى ينتصف لكم رجال القانون أيها الأدباء، بل بادروا أنتم بالانتصاف لأنفسكم، فنحن في زمن يدفع فيه كل إنسان عن نفسه.
أليس من العجيب أن ترجع الجامعة العربية إلى رجال القانون وإلى موظفي الحكومات العربية في وضع القانون الذي تريده لحماية الملكية الأدبية ولا ترجع إلى الأدباء وهو الذين يعرفون الأبواب المفتوحة للسطو على هذه الملكية؟!
يا قوم حسبكم:
في أواخر القرن الماضي كتب الشيخ أحمد فارس الشدياق وصفاً للبيئة المصرية وطبيعتها قال فيه:(وإن من خصائص البيئة المصرية البارزة أن الطربوش فيها يضيق، وأن البرنيطة فيها تتسع وتتسع ثم تتسع).
والمعنى في هذا التعبير الطريف أن المصريين مغفلون بلهاء، فهم يعيشون في بلادهم غرباء، على حين ينعم الأجانب الوافدون بكل ما فيها من خيرات ومبرات. . .
ولقد مضى أكثر من نصف قرن على هذا الكلام ولقد تطورت الدنيا وتنورت الأذهان وأصبحت كل أمة تبحث عن نفسها وكل فرد يعمل على تقويم شخصيته، ولكن يظهر أن المصريين لم يتحرروا من تلك الطبيعة القديمة، فهم لا يزالون يؤثرون أن يعيشوا في