للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بلادهم غرباء، ولضيوفهم كرماء، أو قل أرقاء، ومصداق ذلك ما بدا من بلدية الإسكندرية الكريمة الموقرة إذ قررت إقامة تمثال في حديقة مكتبة الإسكندرية الجديدة للشاعر اليوناني قسطنطين كفافي. . .

وقد يعنيك أن تسأل: ومن يكون ذلك الشاعر اليوناني وماذا أسدى للثقافة وأجدى على مصر أو بذله في خدمتها حتى تؤثره بلدية الإسكندرية بذلك التخليد على أبناء مصر من العظماء والأفذاذ ولكنك لا تلمس أي مبرر من تلك المبررات، ولعل الأمر لا يخرج عن اقتراح تقدم به عضو يوناني في القومسيون إكراماً لواحد من بني جنسه فسارعت البلدية بالموافقة على ذلك نزولاً على قاعدة: كرماء لضيوفنا!

لقد أذيع أن رابطة أدباء الإسكندرية غضبت لهذا التصرف العجيب واحتجت لدى وزارة الداخلية على قرار البلدية (بإقامة تمثال لشاعر يوناني لا أثر له في خدمة القضية المصرية ولا الثقافة المصرية ولم يكتب كلمة واحدة لمصلحة مصر قديماً أو حديثاً) وقالت في احتجاجها (لقد كان الأولى بالبلدية أن تقيم في ساحة مكتبتها تمثالاً لشوقي أو حافظ أو البارودي أو المنفلوطي أو مصطفى صادق الرافعي أو غيرهم، فإن لديها الكثير الثمين من تراث عظماء المصريين قديماً وحديثاً الذين جملوا لواء الاستشهاد في سبيل مصر وإذاعة فضل بلادهم وهم أولى بالتخليد وأجدر بالتكريم. .)

ونحن على يقين من أن وزارة الداخلية ستتلافى هذا القرار، ولكنا نرجو أن لا يقف الأمر عند هذا الحد، بل الواجب أن نؤدب تلك البلدية الغريبة عنا، والتي لا تحترم كرامتنا، ولا تعتز بقوميتنا، فكأنها بلدية أثينا لا بلدية الإسكندرية. .

فيا قوم حسبكم، اتقوا الله في وطنكم إن كنتم مواطنين، واتقوا الله في مصر التي آوتكم إن كنتم وافدين. .

(الجاحظ)

<<  <  ج:
ص:  >  >>