للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تدَفُّق مائك يوحي إليَّ ... مناظِرَ فيضك أنى هَطَلْ

فأصبو لمرآك بين الدِّغال ... وحول الشِّعاب وفوق القُلَلْ

حيال تِسانا وما حولها ... وعند نيانزا وبحر الجبلْ

وحيث خطرت بسودان مصر ... لطيف الأناة حليم النُّقَلْ

وحيث انْهَلَلْتَ بأعلى الصعيد ... وقد عجَّ موجُك لما اتَّصَلْ

يروع فؤاديَ هذا العباب ... وكيف تلاقى وكيف انتَقَلْ

وأعجب ماذا يروم الدخيل ... حيال تدفُّقِه المتَّصِلْ؟!

وكيف يُقَطَّع هذا الوريد ... وتأمن مصرُ دنوَّ الأجَلْ؟

يشعُّ الخلود على جانبيك ... ويصحو الفؤادُ لكرِّ الدُّوَل

وأقرأ فيك سجلَّ الزمان ... واسمع همسَ العصور الأُوَل

شهدتَ الحضارةَ في مهدها ... وحسنَ تفَنُّنها المرتَجَلْ

وشب الزمان على ضفتيك ... بطيَء العصور طويلَ المَهَلْ

فآنست في مصر عهد النبوغ ... وعهدَ العظائم لما حفَلْ

إلى أن بلوت بمصر الهوان ... وكيف ثناها الونَى والخزَلْ

هتفت بفرعون في عزه ... وانكرت فرعون لما خَمَلْ

وساءك قمييز يغزو البلاد ... ويبذر فيها بذورَ الخَلَلْ

وراعك إسكَنْدَرٌ مقبلا ... سريعَ الفتوح وثيقَ العَجَلْ

وقيصرُ حين غزَته الجفون ... وجازت عليه ضروبُ الحِيَلُ

فألقى السلاح على بأسه ... وهام بسحر العيون النُّجُلْ

وكم بطل فتنته العيون ... وكم مَلَكَ الحبُّ حتى قَتَلْ

تلقيت عمرا لقاء الحنيف ... تراءى الهلالُ له فابتهلْ

وهللت حين أقام الحدود ... وحين تقصَّى وحين عَدَلْ

وحين توسم فيك الجلال ... فنمق فيك رصين الجُملْ

وجاء بوصفٍ تلته القرون ... وما عرفت فيه بعض المَلَلْ

دهاك الفرنسيُّ في جنده ... وجندك يا نيل بعضَ الهمَلْ

<<  <  ج:
ص:  >  >>