للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خديجة وهي تقول عنها أنها عجوز حمراء الشدقين، وكان يميل إلى صفية وعائشة تقول عنها أنها قصيرة، وكانت تزعم للنبي أنه أكل مغافير وهو لم يأكل المغافير

فهذه المراجعات والمناقشات لا ينفيها العقل ولا يستغربها، بل نقيضها هو الأحق بالنفي والاستغراب، لأنه مناقض لطبيعة الإنسان

ومهما يكن من قول النظام في معنى الواقع ومعنى التصديق فالواقع أن عائشة رضى الله عنها كانت تكذب لو أنها قالت إنها ترى شبهاً في إبراهيم وهي لا تراه. والواقع أن الغيرة تحجب النظر عن الشبه الذي يمتنع فيه الخلاف؛ فكيف بالشبه الذي يجوز فيه الخلاف؟ وأي شبه في طفل مولود لا يختلف فيه نظران؟

كذلك لا غرابة في أن يدعو النبي عائشة أو غيرها إلى الاستغفار إن كانت ألمت ببعض الذنب؛ فإن الاستغفار مطلوب بنصوص القرآن، ومطلوب بالعقل والبداهة، ولا مناقضة فيه لأدب النبوة ولا لأدب الحاكمين

ولست أرى من واجب المؤرخ أن يبطل الروايات المنقولة لأنه يظن ظناً ضعيفاُ لا سند له أن عائشة لن تقول هذا القول ولن ينطلق به لسانها مع فلتات الغيرة وجمحات المغاضبة، وإلا انتقلنا من البحث في عصمة الأنبياء إلى البحث في عصمة أزواجهم وأقربائهم حتى من فلتات اللسان، حيث تبدر الفلتات من كل إنسان، وإننا لننزه العقل الآدمي أن نغله بأمثال هذه القيود

عباس محمود العقاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>