العلم والعرفان: ويقرأ هذا الخبر شعراؤنا الفحول فيسألون الله السلامة، ويتضاءل في نفوسهم الرفيعة معنى الزعامة! وتضرى الخصومة السياسية عندنا فتمزق العلائق والأعراض فيضرب الكتاب المثل الأعلى بالخصومة النبيلة التي تقع بين ساسة العراق فلا تتعدى أندية الأحزاب ولا دواوين الحكم. وتحس الصحافة المصرية حز القيود فتغبط الصحافة العراقية بحريتها الجديدة، وتشكر لحكومتها السعي في تقرير نقابتها العتيدة.
والحق إن في الشعب العراقي أفضل ما في الشعوب الناهضة من حيوية وطموح ومرونة ورجولة، فإذا أضفت إلى هذه الخلال انه جذ من ورائه تقاليد النظام القديم، وإن معاهدته الجديدة قد قللت من الاستشارة الأجنبية المعرقلة، وإن حكومته بسيطة الآلة ضيقة الدائرة، حتى لتسنح الفكرة للمدير العام (وكيل الوزارة) في مجلس من المجالس أو تقترح عليه فتصبح قانونا أو لائحة، أدركت سر القوة الحافزة في نهضة العراق. أما الحكومة الملتوية المعقدة ذات الزوايا والحنايا فأن المقترح أو المشروع يضل فيها بين توزع المسؤولية وتقسم الرأي فيخرج من مكتب إلى مكتب حتى يدركه الإعياء فيرقد في درج أو سلة!!
الأدب المصري الحديث أدب ثرثرة: هكذا قالت (العاصفة) في بيروت، ثم تفضلت على الصديق طه فنصبته زعيما على هذا الأدب! وقالت:(إن الأدب الحديث الناشئ في مصر أدب لا يزال بحاجة إلى صقل وتهذيب فهو أشبه بالحجارة غير
المنحوتة) ثم قالت في موضع آخر (وأصدق قول ينطبق على القسم الأعظم من هذا الأدب الذي يتحفنا به أدباء مصر انه أدب ثرثار ورجاله حائرون بين الابتكار والتقليد فيشوقهم أن يكونوا من المبتكرين وأن يسيروا في التيار الغربي فإذا القديم يغلب عليهم. . . . . . ومقال العاصفة على (ثرثرته) إندفاعة نفس شابة لاتزن الكلام ولا تبالي التبعة، وهي لا تملك والله الحمد ميزان القضاء ولا أهلية الحكم. فالدفاع أمامها دفع بعدم الاختصاص. على أن من الخير لنا ولها أن تقف قليلا عند قولها: (ولم تشعر مصر بروح الأدب العالي تجول فيها إلا يوم أرتادها أدباء لبنان وسورية. . . فالأدب الذي حمله إلى مصر تقلا ونمر وصروف وإسحاق واليازجي وحداد وزيدان والرافعي والمطران وسواهم هو الأساس في نهضة مصر الأدبية الحديثة ولولاه لم يكن حافظ ولا شوقي ولا العقاد ولا المازني ولا طه حسين ولا ولا الخ. نعم نقف قليلا عند هذه الجملة الطائشة لنقول للكاتب وأمثاله: إن