الزمان لم يدع في أيديكم وأيدينا من المجد المشترك إلا هذه اللغة وهذا الأدب، فلم تأبون إلا أن تقسموهما على البلدان وتوهنوا أسبابهما بهذا الهذيان! تلك نعرة بدوية ونغمة مملولة. والعاصفة التي أثارت هذا الموضوع الجاهلي تتشدق بالتجديد! فهل علمت ما يشبه ذلك بين الأدباء في فرنسا وسويسرا وبلجيكا، أو بين الأدباء في إنجلترا وأمريكا؟ وماذا يضيرها إن تركتنا متآخين متحابين على هذا المنهل الباقي ننعم جميعا بريه ومائه، ونحرص جميعا على فيضه وصفائه؟؟
شاعر وشاعر:
هو الحظ غير البيد ساف بأنفه ... خزامى وأنف العود بالذل يخذم!
في اليوم الذي تحتفل فيه لبنان بذكرى (لامرتين) في الشرق تجيء أخبار الموصل بأن بلديتها هدمت قبر أبي تمام! فأما تكريم لبنان لذكرى الشاعر الفرنسي فلم يخرج عن سنن العرب في تمجيد الأدب وأهله، والاعتراف بإحسان المحسن وفضله. وأما تكريم الموصل للشاعر العربي بهدم ضريحه وطمس أثره فذلك ما لم نفهمه لا من طبيعة الشيء ولا من سياق الخبر ولا من احتجاج العرب ولا من روح العراق. فهل يكون السبب أن مدينة (الخالدين) عدنانية وأبا تمام من قحطان، أم السبب إنها عراقية والطائي من قرى غسان؟!
قرية الأدباء: من أنباء موسكو أن الحكومة الروسية قررت بناء قرية للأدباء بالقرب من لينغراد وصدرت لها من مالها ما يساوي مائة ألف جنيه ذهبا وستحظر على غير الأدباء دخولها الا بإذن رسمي خاص. وغايتها من ذلك بالطبع استخدام الأدب في تأييد الحكم السوفيتي ونشر المذهب الشيوعي. والذي يعنينا من هذا الخبر انه تنفيذ سخي لقلم الشعراء الذي يقترحه على وزارة المعارف صديقنا الهراوي، وتحقيق لفكرة (المدينة الفاضلة) التي خططها في الخيال أستإذنا الفارابي!!