ذكرت بذلك حكاية جارية غنت في مجلس فأجادت، فقام إليها رجل من الجالسين وقال لها: بأبي أنت وأمي، وددت لو كان لي مال فوهبته لك. . ولكنني أرجو أن يجعل الله لك كل حسنة لي ويجملني عنك كل سيئة عليك. فأقبلت عليه الجارية وشكرته. فتقدم رجل آخر وقال لها: كل مملوك لي حر وكل امرأة طالق إن كان قد وهب لك شيئاً أو حمل عنك ثقلاً، فماله حسنة يهبها لك ولا عليك سيئة يحملها عنك، فعلى أي شيء تشكرينه؟
عزيزي الأستاذ محمد عبد الوهاب
أعبر لحضرتكم عن شعوري إذ أقول إن قلبي كان معكم حينما كتبت إلى الآنسة أم كلثوم في شأن تحكمها في الإذاعة، أو إغداق الإذاعة عليها، بمنحها خمسين جنيهاً في كل مرة تذاع لها أغنية مسجلة مأجورة عند تسجيلها، حتى يقدر مجموع ذلك بنحو ألف جنيه في الشهر.
كان قلبي معك يا أستاذ عبد الوهاب، لأن الإذاعة تخص أم كلثوم بتلك المعاملة الهائلة. . أما أغنياتك المسجلة فتشكو الأثير جراحاً. . ولذلك سرني ما نشر من أنك طلبت عدم إذاعة أغانيك، وأن الإذاعة رجتك أن تعدل عن هذا الطلب مؤقتاً إلى أن تعقد معك اتفاقاً جديداً.
فامض في طلبك وتشدد فيه، فإن هذه الإذاعة لا ينفع معها غير ذلك. وإنك لابد ظافر بألف جنيه في الشهر، وأعلم أنك وأم كلثوم الدعامتان اللتان يقوم عليهما فن الغناء والموسيقى في هذا العصر، وأن أمثالكما من كبار الفنانين في روسيا الشيوعية ينالون أكبر الأجور ويصيبون أوفر حظاً من الترف والنعيم، كما يترامى إلينا من وراء الستار الحديدي.
فاحرص أيها الفنان العظيم على ذلك الحق (الشيوعي) كما تحرص عليه أم كلثوم، وكما يحرص عليه كبار الموظفين في الإذاعة وإن لم يكونوا من الفنانين. . . وعلى كل مذيع بعد ذلك، وعلى الديموقراطية، وعلى الإذاعة، السلام. . . وسلام عليك.
نحو الحياد الثقافي:
نشرت (المصري) لمراسلها بباريس عن أنباء موسكو أنه صدر فيها بلاغ رسمي جاء فيه أن أكاديمية العلوم ستنشر ٤٢ كتاباً في سنة ١٩٤٩ عن الدراسات الشرقية منها كنب هامة عن العرب والأدب العربي الحديث، وقد كتب عن الموضوع الأخير المستشرق برجناني