للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أرسل هذا الغلام؟ فقال إلى أصحاب السند نعال: يعني النعال السندية.

وأمثال هذا في كتب الأدب كثيرة. ولأمر ما ثار النزاع منذ أيام أبي حنيفة على قراءة القرآن بالفارسية. ثم بابك الخرميكما يؤخذ من الفهرست كان لسانه متعقداً بالأعجمية، و (به آفريد) الفارسي المتنبي على عهد أبي مسلم لما أراد أن يضع لأتباعه كتاباً وضعه بالفارسية. وأنتم تعلمون ما دخل العربية من الفارسية لا سيما في أسماء الطعوم والأثاث. هذه جملة تثبت أن اللغة الفارسية لم تمت في هذه الفترةإن كان هذا في حاجة إلى الإثبات.

وأما الفرس أنفسهم فقد خلطهم الفتح والإسلام بالعرب، أي خلط، فالقبائل العربية انتشرت في الأرجاء الفارسية، والفرس انتقلوا إلى البلاد العربية أسارى أو مهاجرين طلباً للرزق أو العلم أو المناصب. فالمدينة على نأيها كان بها فرس، وهم قتلوا هنالك عمر وسعيد بن عثمان بن عفان.

وسرعان ما تعلم الغرس العربية وشاركوا في العلوم الإسلامية. ولكن كان للفرس قبل قيام الدولة العباسية حال تختلف عن حالهم بعدها كل الاختلاف.

كانت دولة الأمويين عربية وقليل من غير العرب من سموا فيها إلى الدرجات العليا، وكان العرب، لأنهم أصحاب الدين والدولة ولأنهم الذين أقاموا الملكونشروا الدين، يرون أنفسهم أجدر بالرياسة وأولى بالشرف على ما كان فيهم من الاعتداد بأنفسهم والفخر بأنسابهم منذ أيام الجاهلية. فسخط الفرس من أجل ذلك عليهم، ولكن الفرس لم يكونوا قد أفاقوا من دهشة الفتح الإسلامي ولم يكونوا قد تمكنوا في الإسلام واللغة وامتزجوا بالعربامتزاجاً يمكنهم من منافسة العرب، وما كان العرب قد ضعفوا وتغيروا وتفرقوا في الأقطار. بقي الفرس ساخطين فاستعان بهم الثائرون على الأمويين، فكانوا عوناً للمختار بن أبي عبيد ولعبد الرحمن بن الأشعث، فكان جيش المختار من الموالي إلا قليلاً وقد عتب العرب عليه إذ استعان بالعتقاء من الموالي ثم أعطاهم حظهم في الغنائم. ولما قال رسل عبد الملك لأبن الأشتر: أجأت تقاتل جيوش الشام بهؤلاء؟ أجاب ما هؤلاء إلا أبناء أساورة الفرس.

وإذا نظرنا إلى أن جيش المختار كان أول من ثأر للحسين بن علي وقتل من قتله عرفنا أحد الأسباب التي جمعت بين التشيع والفرس منذ أمد بعيد، فقد كان للعلويين والفرس سواء في كراهة الأمويين فتحابوا. جاءت الدعوة العباسية وقد تهيأت الأسباب ليأخذ الفرس

<<  <  ج:
ص:  >  >>