للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نجوى النفس. نجوى النفس هو حديث الممثل مع نفسه بصوت مسموع، ومحله حين تضطرب حال الشخص، فيغلبه الجزع ويفترسه الشك، فينفجر بالكلام الجهير معلناَ عن ضميره مصرحا بسره، ولو لم يكن هناك من يسمعه. وقد غالى رجال المذهب الإبتداعي في استعمال نجوى النفس، قاصدين بذلك إلى حذف الأنجياء وهم أشخاص كان كتاب الإغريق ومقلدوهم من القدماء يضعونهم في الرواية لا لشيء غير أن يسر إليهم البطل ما يفكر ويقدر بدل أن يتحدث إلى نفسه. ولكن الأبتداعيين بإسرافهم في النجوى، وإسهابهم فيها لم يبرئوها من النقص والإملال. فلهوجو مثلاً في رواية هرناني نجوى ألقاها (دون كارلوس) على قبر شرلمان بلغت ستين ومائة بيت! وجمال النجوى أن تكون قصيرة إلا إذا كان اضطراب الشخص قوياً فلا بأس أن تطول قليلاً.

أنواع الرواية

موضوع الفن الروائي هو حياة الناس بأسرها. فهو يصور المضحك والمبكي من الحوادث، ويصف الخامل والنابه من الناس. فإذا كان العمل الذي يمثله جدياً، والأشخاص الذين يصورهم من الطراز الأول والطبقة العالية سمي مأساة. وإذا كان العمل هزلياً منتزعاً من حياة العامة مصوراً لعيوبهم سمى ملهات. أما إذا جمع بين الجد والهزل، أو أقتصر على الجد ولكن أشخاصه من طبقة العامة والسوقة، فتلك هي المأساة الحديثة أو الدرامة. وكل ذلك يؤدى عن طريق الإلقاء، فإذا أدي عن طريق الموسيقى والغناء، كانت الغنائية وفروعها. وسنتناول كل نوع من هذه الأنواع بالشرح والتفصيل والتحليل، إلا الغنائية فسنلم بها إلماما على قدر صلتها الواهية بالأدب والبيان.

المأساة.

تعريفها: المأساة هي تمثيل عمل عظيم يبعث في النفوس الرعب والرحمة والإعجاب. وليس من الحتم أن تسفك الدماء وتنثر الأشلاء فوق المسرح لتحدث تلك الآثار، بل يكفي أن يكون العمل جليلاً والشخص نبيلاً، والهوى المتحكم رفيعاً، حتى ينشأ ذلك الحزن الرهيب الذي يجدر بالمأساة. ومعنى ذلك أن يكون العمل خطيراً كإرجاع ملك مغصوب، أو إخضاع هوى مستحكم؛ وأن يكون الأشخاص من ذوي التيجان وطلاب العروش، لأن

<<  <  ج:
ص:  >  >>