اللطيف الناعم إلى الجنرال ليونارد وود وحمل إليه الأخبار كلها وما تضمنته من أحداث مؤثرة. وكان وود أقل الرجال تخنثاً. فما سمع ما سمع حتى أذن لريد أن يفعل ما يشاء وأن يذهب إلى أي حد شاء. وأعطاه مالاً ليقيم معسكراً من سبع خيام وبيتين صغيرين، حتى قناة العلم أعطاه ثمنها. وأحسن من هذا كله أنه أعطاه مالاً يشتري به رجالا يقامرون في تلك التجارب بأرواحهم فيسلكون بها سبيلاً تهلك فيها على الأقل نفس من كل خمس فلا تعود إلى الوجود لتستمتع بالثمن الذي دفع فيها. فشكر ريد الجنرال، وخرج عن كيمادوس حتى إذا بعد عنها ميلاً نصب على الأرض سبع خيام، ونشر العلم الأمريكي فوقها، وأسمى المعسكر معسكر لازار - ولنهتف ثلاثاً لذكرى لازار. وستعرف بعد قليل أي أعمال مجيدة وقعت في هذا المكان
ليس آكد في الحقائق من الحقيقة الآتية: كل صائد من كبار صياد المكروب يختلف اختلافاً بيناً عن كل صائد آخر منهم، ولكنهم جميعاً تجمعهم صفة واحدة: أنهم جميعاً مبتكرون، إلا ريد. ولكنه لا يستأهل الشنق لأنه لم يبتكر، لأن عذره حاضر، فأمر البعوض والقراد وغيره من ناقلات المكروب كان حديثا شائعا على ألسن البحاث في عشر السنوات الأخيرة من القرن الماضي، فلم يكن لريد مندوحة عن سماعه واقتباسه. وإن فاته الابتكار في هذا، فوالله ما فاته أن يسود البحاث جميعا بقوة خلقه. وإلى جانب هذا كان مجربا متقناً محسنا. ووسوس إليه خلقه الصلب القويم:(لا بد من قتل الناس لخلاص الناس)، فقام يرسم سلسلة من اختبارات محكمة هي أسوأ ما ابتدعه رجل خير من الجرائم
وكان ريد رجلاً يحب الإتقان والإحسان في الأعمال، فقضى بأن كل رجل يراد قرصه ببعوضة يصير حبسه قبل قرصه أياماً وأسابيع في هذا المعسكر تحت شمسه المحرقة حتى يكون بمعزل عن أي عدوى بالحمى الصفراء تأتى من غير هذه البعوضة، فلا بد أن تكون التجارب مسدودة الثقوب محكمة لا يخر الماء منها. وأعلن ريد في الجند الأمريكي أن الحرب لم تضع أوزارها بعد، وأن حرباً جديدة أُعلنت لخلاص الإنسان. وسأل هل فيكم متطوعون؟ ولم يكد يجف مداد الإعلان حتى دخل إليه في مكتبه جندي يدعى كيسنجر من ودخل معه رجل آخر يدعى جون موران وحتى هذا لم يكن جندياً بل كاتباً ملكياً يعمل في مكتب الجنرال فتز هيولي دخلا عليه مكتبه فقالا:(جئنا أيها السيد لتجرب فينا).