للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المصرية وطلب إلي بعد تقديم القوة له أن يرى المكاتب وطريقة العمل فيها. فرافقته في زيارته وقدمت إليه الموظفين، واحداً واحداً، وكان السرور باديا على وجهه لأن بعد سنوات طويلة اتصل لأول مرة بعد اعتزاله الحكم بمكتب مصري رسمي تابع للحكومة المصرية التي بقي على رأسها اثنين وعشرين عاماً

وقد لاحظت بعد وصوله كثرة عدد الرواد المصريين في فلسطين ولكل منهم وجهته الخاصة وكانت آمالهم تتجه إلى تنسم أخباره، وكان من بينهم من يعرف جيداً كيف يستغلون الخديو السابق ويحصلون على أمواله، وكان منهم من أتقن طريقة استغلال مصر لمنفعتهم والقيام برحلات على حساب المصاريف السرية للتمتع بؤرية فلسطين

وكانوا يحضرون إلى القنصلية للتحية، ويكفي الحديث معهم عدة دقائق لتفهم الوضع الصحيح لعواطفهم واتجاهاتهم، فقد زارني كثيرون من رجال السياسة والأعيان وأهل الرأي ورجال الصحافة. اذكر من ذلك تصريح أحد الصحفيين المعروفين الأب بقوله لي (إن إحدى الجرائد المصرية المشهورة لم تكن على وفاق تام مع السراي الملكية، وأنه وفق بناء على جهوده إلى إزالة هذا البرود وذلك حينما اقنع صاحب هذه الجريدة بأن يطبع عدداً ممتازاً خاصاً بأعمال فؤاد الأول في المدة التي حكم فيها) صرح بهذا لي في الوقت الذي كان دائم الاتصال بالخديو السابق ويعمل لحسابه. . .

وكان عباس حلمي الثاني يتبع نظاماً خاصاً للأكل، ولذا اعتاد الحضور إلى الفندق في الساعة السابعة مساء لتناول العشاء، وكان ينتهي نته في الساعة الثامنة وهو الوقت الذي أدخل فيه قاعة الطعام. فكان يتفضل بتحيتي ويدعوني للجلوس معه في ردهة الفندق وهناك يجتمع حوله الزوار المصريون فتأتيه أنباء المفاوضات القائمة بمصر بقصر الزعفران وما تم في الجلسات من المناقشات وما تبودل من الرأي فيها، وكان يعلق على ذلك جميعه بأسلوب الرجل المتمكن فهمه لتطور سياسة بلاده وعلاقتها يتطور السياسة العالمية

وفي بعض الأحيان كان يحضر المجلس المرحوم سليمان فوزي فيحدث كيف كان أحد الذي ضربوا بالمسجد الأقصى عند اجتماع المؤتمر الإسلامي الذي عقد هناك فأثار ضحك المجلس بأسلوبه الفكه النادر

وفي ليلة من الليالي بعد انصراف الخديو السابق التفت إلى أحد المشتغلين بالسياسة في

<<  <  ج:
ص:  >  >>