للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مصر ووجه حديثه إلى قائلا (لا تنسه يا رمزي في تقاريرك التي سترسلها حتما عما دار في هذه الجلسة من أحاديثنا) وهنا جمد الدم في عروقي ورددت عليه بقولي: (إن لحكومة مصر ألف وسيلة لكي تعلم ما دار في هذا المجلس من الأحاديث وهي لا شك ستعلم ما دار هنا، أما أنا فلا أجد فيها من الأهمية والخطورة ما يصح أن تعلق مصر أهمية عليه؛ ولكني أذكر جيداً كيف اجتمع البعض في تركيا وقابلوا الخديو الذي كان جالسا معنا منذ لحظة: وحينما انصرف وانفض الجمع بادر كل واحد لتقديم تقرير هزيل عما تم في هذه المقابلة وما تحدث به إخوانه وأصحابه) واستأذنت للذهاب إلى حجرتي

وإني لأعجب لهؤلاء الذين يملأهم الغرور، ويدعون العلم بالسياسة وستظاهرون بانتقاء الأخبار والتقرب زلفى إلى ذوي السلطان، ويتنقلون بين مختلف الأحزاب والهيئات، كيف كانوا يعيشون ويحملون في وقت دائم الحركة والعمل والإنشاء

وقد ملأ الأسى نفسي لما فكرت في هؤلاء النكرات وأنا أقلب صفحات مذكراتي عن تلك الأيام فوقع نظري على ما كتبته في يوم ٤ فبراير ١٩٣٦

(حضر إلي إدوارد صمويل نجل هربرت صمويل المندوب البريطاني الأسبق في فلسطين، وهو يشعل وظيفة وكيل مصلحة المهاجرة بحكومة الانتداب. . . فقال لي

(إن الصحافة المصرية تصل بانتظام كل يوم إلى فلسطين أي في اليوم الذي تصدر فيه بالقاهرة، ولها تأثير غريب في عقلية أهل البلاد العرب فهي تلهب حماسهم وتجعلهم يفتحون أنظارهم كل صباح على أحوال العالم الخارجية والاتصال بتطورها)، وقال (إنه علم بأن الوزارة المصرية الجديدة أقدر من سابقتها على فهم مركز مصر الدولي)

ثم أردف بقوله: (إن مركز قنصلية مصر هنا هام لكثرة المصريين المهاجرين إلى فلسطين ولكثرة أعمالها واتصالها بالهيئات الرسمية وغير الرسمية (يقصد الوكالة اليهودية والهيئات العربية) ولكن حكومة مصر لا ترسل إلى هذا المكان إلا من كان مغضوبا عليه في بلاده) وهنا قاطعته وقلت (أنت مخطئ في هذه الناحية لأنني كنا أشغل وظيفة أقل من هذه ثم رقيت إليها) قال: (أقصد أن حكومة مصر لا تقدر هذا المركز تماماً ولا تعلق عليه ما يستحق من أهمية. وقد سمعت من الكثيرين من رجالكم الرسميين وغيرهم من أن القناصل المتقدمين في السن والذين لا يصلحون في شيء هم الذين يرسلون إلى القدس)

<<  <  ج:
ص:  >  >>