ثم صرح بما يأتي (إن شرق الأردن تحسد فلسطين على حالة الرواج فيها، وأهل فلسطين يحسدون مصر لأنها بلاد من أغنى بلاد الأرض وبشكل لا يتصوره أحد منكم. ويظهر أن الحكومة المصرية ورجالها الرسميين لا يقدرون هذا وكانت كلمته بالإنجليزية)
ففي الوقت الذي يتحدث فيه ابن هربرت صمويل وهو بريطاني يهودي عن هذه الأمور الهامة التي ذكرتها وعن إمكانيات مصر التي لا يمكن تحديدها من ناحية الثروة والانتعاش والتنمية الاقتصادية ويظهر قلقه من أثر الصحافة المصرية في نهضة الشعوب العربية كان جماعاتنا من المصرين يفكرون في نقل حديث عن بعضهم أو يظهرون أهميتهم في التقريب بين صحيفة يومية ورجال الحاشية بإخراج عدد ممتاز من أعمال الملك السابق فؤاد الأول
في غمرات هذه الحوادث تلقيت الدعوة التي أشرت إليها لحضور المأدبة التي أقامها الخديو السابق في فندق أريحا ودعا إليها المندوب السامي البريطاني وبعد الله بن الحسين وطائفة من رجال حكومة الانتداب وحكومة شرق الأردن، ولا شك في أن حضور ممثل ممصر في تلك المأدبة كان لازماً إن لم يكن لإعطاء صورة واضحة عما دار في تلك المأدبة فعلى الأقل لإظهار أن ما تم الاتفاق عليه بين العرش الخديو السابق كان جدياً ولا أثر لبقاء أي اختلاف بين الجالس على العرش وابن أخيه
ولكن تلقيت رداً على برقيتي التي أرسلتها إلى الخارجية أدهشني غاية الدهشة، وهو الذي يقول (الزم حجرتك وادع المرض)؛ وكان عبد الله البشرى في معية الخديو السابق، يتصل بي كل يوم لمعرفة رأيي في قبول الدعوة أو رفضها. فلما علمتا بمضمون هذه البرقية الرمزية لم أجد مناصاً من اعتذار، ولكن الأسلوب الذي فرض عليّ أن أعتذر به لم يقنعني. . وفي صباح اليوم التالي وهو يوم ١٨ فبراير نشرت الصحف خبر زوبعة ترتب عليها فقدان عدد من مراكب الصيد المصرية على شواطئ فلسطين، وأن بعض البحارة وصل إلى الموانئ في غزة ويافا؛ فانتهزت فرصة هذا النبأ، واتخذته مبرراً لتغيبي عن القدس واعتذاري عن قبولي دعوة الخديو السابق. وكنت تلقيت في نفس اليوم دعوة من راغب النشاشيبي عن حفلة شاي أقامها في منزله للخديو السابق؛ فبدأت بالاعتذار عنها