لاضطراري للسفر ثم اعتذرت عن مأدبة الخديو السابق في اليوم التالي
ونشرت صحف يافا خبر وصولي لتتبع حوادث مراكب الصيد المصرية التي تعرضت للخطر بعد الزوبعة التي هبت في البحر الأبيض المتوسط؛ وفعلا ذهبت إلى يافا وتنقلت منها إلى غزة وما حولها
وبعد ثلاثة أيام عدت إلى مدينة القدس. ولما قابلني الخديو السابق ابتسم، فقد كان يعلم عن أساليب الحكومة المصرية في أيامه وبعد عهده أكثر مما أعلم، وإن كان أقرني على الطريقة التي اتبعتها
كان اتصالي بحكومة شرق الأردن دائماً وباستمرار؛ ولما اقترب شهر رمضان وكنت في ذلك الوقت أتم صيامه كاملاً سواء كنت في الشرق أو في الغرب، رأيت من واجبي أن أذهب إلى عمان وأهنئ عبد الله بن الحسين بحلول هذا الشهر المبارك وأعلمه بأنني سأقضيه في مدنية القدس، ولن أحضر لزيارته قبل حلول عيد الفطر لأقوم بواجب التبريك
قمت مبكراً على نية قضاء ليلة بعمان، أرتب فيها مواعداً للمقابلة ثم أعود في اليوم الثاني، وكانت دهشتي عظيمة حينما دخلت حجرتي فأعلمت بأن الشريف جميل ناصر رئيس الديوان والسيد الخطيب مستشار الأمير ينتظرانني بحجرة الاستقبال، فنزلت لمقابلتهما حيث أخبرني الأول بأن الأمير يدعوني لتناول الغداء معه، وأنه في شدة الاشتياق لرؤيتي ولا يقبل أي اعتذار للتخلف عن هذه الدعوة. فطلبت منهما إمهالي لتغيير ملابسي ثم ذهبن برفقتهما إلى قصر الإمارة، حيث استقبلت استقبالاً كما يقول الأتراك (فوق العادة) ورافقني في الدخول إلى الأمير ضابط مصري اسمه خاطر، كان يعمل في الجيش الأردني، التحق به بعد ترك خدمة الجيش المصري في السودان وحضر هذه المأدبة الأمراء أنجال عبد الله بن الحسين، والشريف جميل ناصر والد الملكة زين ومستشار الأمير وغيرهم، ولم يدر في المأدبة حديث خاص، وعند انتهائها أخذني عبد الله بن الحسين، فسرت برفقته إلى حجرة الاستقبال الكبرى حيث أجلسني على يمينه وأقفلت الأبواب وراءنا
قال بلهجته العربية الحجازية (إنه جد حريص إلى علاقات المودة والصداقة التي تربطه بالعائلة المالكة في مصر، وعلى رأسها فؤاد الأول وهو لا ينسى ما غمره به محمد علي مؤسسها من الإنعام على عائلة الشريف بما مقداره خمسة آلاف فدان من أراضي مصر