أنشئت الجامعة الشعبية كي تنتج الفرص لمن تخلفوا عن قطار التعليم في إحدى المحطات. . ومدت يدها إليهم تعينهم على السير واللحاق بالركب. ومضت بهم قليلا وهم فرحون بانتسابهم إلى الجامعة ثم هب عليهم غبار من نوع معوقاتهم الأولى. إذ قيل: جامعة! وما الفرق إذن بين الجامعيين وبين الشعبيين؟ حتى الاسم استكثروه عليهم. . فليكن أسمها (مؤسسة الثقافة الشعبية) كما أطلق عليها منذ سنوات.
لا يهم الاسم ما دامت القافلة تسير، وقطعت القافلة أشواطا وأخيرا تلفتت. . قطعت أشواطا بمن جاءوا إليها، ولكن هل هؤلاء كل من فاتهم القطار؟ تلفتت تنظر فإذا محطات التخلف لا تزال عامرة، فما كل من فيها يستطيع أن يقصد إلى المراكز الثقافية، وقد يستطيع ولكن يتكاسل. فكرت المؤسسة بأمر هذه الآلاف المتخلفة القاعدة، فرأت أن تنتقل هي إليهم في قراهم بالأقاليم وفي أحيائهم بالمدن. فوضعت مشروعا لذلك يعتمد على وسيلتين:
الأولى مكتبات متنقلة تحملها سيارات تعد أعدادا خاصا بحيث تصبح - بفتح بابها حيثما وقفت - مكتبة مفتوحة، فيستعير منها من يشاء لقاء (تأمين) زهيد لا يبلغ نصف ثمن الكتاب، وقد تغري المستعير قلة ما يدفعه ويروق في عينه الكتاب وليكن، وتحتمل المؤسسة الفرق بين الثمن والتأمين في سبيل تأدية الرسالة الثقافية. .
وتستمد المكتبات الطوافة من المكتبات مركزية تقام في قواعد تختار لها، وتؤدي هي أيضاً رسالتها كمكتبة عامة في مكانها، وتحتمل المكتبات الطوافة إلى كل جهة ما يناسبها من الكتب، وتصحبها آلت للعرض السينمائي الثقافي لتكون وسيلة اجتذاب الجمهور، إلى جانب الغرض الأساسي من موضوعها.
أما الوسيلة الثانية فهي كتب دورية (شهرية أو أسبوعية أو غير ذلك قدر الإمكان) تعهد المؤسسة في تأليفها إلى مؤلفين من غير موظفيها تكلفهم بتأليفها في موضوعات حيوية على أن يقصد بهذه الموضوعات أما تنمية المعلومات الثقافية العامة، أو الإرشاد والتوجيه في ناحية من نواحي الحياة العملية، وتوزع هذه الكتب على من يطلبها بثمن أسمى يغري بطلبها.
ذلك هو مشروع مؤسسة الثقافة الشعبية التي تريد أن تنقل به الثقافة إلى الناس في بيوتهم وفي مقار أعمالهم والذي يشتغل الآن بوضع خططه الأستاذ علي عزت الأنصاري بك