تتحشرج في حلقي عبارة:(اختش يا رجل) أو: (أحفظ مقامك يا أخينا أنت وإلا. . . .) أو غير ذلك من العبارات التي تسبق التماسك عادة بين الغريمين!
ذلك باني أنا أومن بالحب الأفلاطوني، وأومن بالوفاء؛ وإن كان الأستاذ قد قال في معرض الكفر بهذين المذهبين:(وأنا لا أدعو إلى شيء وحاشاي أن أفعل)؛ فهأنذا أقول باني أدعو إلى الإيمان بالحب الأفلاطوني وبالوفاء.، وقصاراي أن أفعل!
ولأبدأ أولاً بأن أقول مع الأستاذ أن الحب اشتهاء؛ فإلى هنا نحن متفقان. ولكن يبدو لي مع الأسف أن هذا هو كل ما بيننا من توافق، فانه يقول بعد ذلك رأسا إن الحب تنبيه للجسم ليعمل على حفظ النوع. بينما أنا أتابع الحديث بأن الجوع أنواع، وأن الأصل فيه جوع المعدة إلى الطعام، وأن لكل حاسة من حواس الجسم نوعا من الجوع تكابده وتعمل على إشباعه، وان الأذن مثلاً تجوع وغذاؤها الموسيقى؛ ويحس الجائع في هذه الحالة باشتهاء مُلِح إلى استماع الألحان. والعين كذلك تجوع ولكنها تجوع إلى الجمال، وقد يبلغ من جوعها أن تضطرب أعصاب صاحبها وتفسد عليه شؤونه إلى أن يمن الله عليه بصورة جميلة تقر لها عينه وتطمئن بها نفسه، مع أنه لا يبغي من هذه الصورة أكثر من أن يجلو بها عينيه. وأجهزة الجسم جميعها تجوع. ولعل الحب الذي كتب عنه الأستاذ هو جوع الجهاز التناسلي، وهو الجوع إلى المرأة وليس الجوع إلى الجمال، فأن جميع (الأعراض) البادي في ذلك المقال (تشخص) هذه الحالة
وإذا كنت موفقاً في التعبير فأني أعتقد أن هذا القول فيه ما يكفي لفتح الطريق أمام الحب الأفلاطوني الذي سد الأستاذ في وجهه الأبواب ووقف من دونها يقول:(أين الكذاب الذي يقول أن شيئاً يقوم وراء هذا الباب؟! وأنت أيها المكابر يا من تريد أن تنتحل فضلاً على حسابي وحساب الحقيقة: يا منافق. . يا بن الـ. . .) إلى أخر تلك الثورة التي لا سبيل لي مع الأسف إلى اتقاء أذاها غير أن أنشر هذه الكلمة بدون توقيع، وأترك الفضل بعد ذلك في انتحالها لمن شاء وأمري إلى الله!
أن الحب الأفلاطوني نوع من المغناطيسية الآدمية. وكل متعة المحب فيه أن يكون قريباً من حبيبه. لأن حبه هو حب الروح التي تعمل على حفظ (المزاج) لا حب اللحم والأجهزة السفلية التي تعمل على حفظ (النوع)