للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فضل الله يؤتيه من يشاء ممن يجد ويجتهد للتزيد من العلم بالله وسننه في خلقه.

فهذا ما يسمونه علم الحقيقة لا سواه، وليس فيه شيء يخالف الشريعة أو ينافيها) أهـ

أما ما يموه به المتصوفة على العامة وأشباه العامة بحيلهم ودجلهم لإثبات ما يزعمونه لأنفسهم من كرامات فهو ضرب من ضروب السحر كان يقوم بمثله الكهان من العرب في الجاهلية (وكانت أكثر مخاريق الحلاج من باب المواطآت).

وموطآت الحلاج هي أنه كان يتفق مع أناس من رجاله على ما يلبسون به على الناس بدعوى الكرامات. وقد اكتشف ذلك في عصره كما بينه التنوخي في جامع التواريخ (نشوار المحاضرة) ومنه أن رجلاً جاء بصفة مسترشد وإنما هو مختبر فقال له الحلاج: تشه على ما شئت فقال: أريد سمكاً طرياً وكانوا في بعض بلاد الجبل البعيدة عن الأنهار والبحر، فدخل بيتاً خالياً من داره وأغلق عليه بابه، وعاد بعد ساعة طويلة وقد خاض وحلاً إلى ركبتيه وبيده سمكة تضطرب وزعم أنه دعا الله فأمره أن يذهب إلى البطائح قال: فمضيت إلى البطائح فخضت الأهواز وهذا الطين منها حتى أخذت هذه. فقال الرجل: تدعني أدخل البيت فإن لم ينكشف لي حيلة فيه آمنت بك. فقال: شأنك. فدخل وبعد عناء وتنقيب اهتدى إلى دار كبيرة فيها بستان عظيم فيه صنوف الفاكهة والثمار والنوار ومنها ما ليس من وقته ولكنه محفوظ بحيلة صناعية، ووجد فيها خزائن مليحة فيها أنواع الأطعمة الناضجة والحوائج لما يهيأ بسرعة ورأي في الدار بركة ماء مملوءة سمكاً فأخذ واحدة منها وخرج. . . فتبعه الحلاج فرمى بالسمكة وجهه وصدره وهرب. وأقسم الحلاج ليقتلنه إن حدث أحداً بذلك ولو في تخوم الأرض. ولم يحدث بها الرجل الا بعد قتله لعلمه بأنه لو أمر المفتونين به أن يقتله فأنه يفعل).

وبعد فلينظر الناظرون إلى أين وصل المسلمين ببركة كالتصوف واعتقاد أهله بغير فهم ولا مراعاة شرع - اتخذوا الشيوخ أندادا، وصار يقصد بزيارة القبور والأضرحة قضاء الحوائج وشفاء المرضى وسعة الرزق بعد أن كانت للعبرة وتذكر القدوة. إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

(كفر المندرة)

احمد احمد القصير

<<  <  ج:
ص:  >  >>