للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذريرات المتماثلة التي تتألف منها جميع أجزاء الوجود

بهذا المعنى وبه فقط، يعتبر الوجود (وحدة) أي أنه مؤلف من هيولي واحدة لا ثاني لها

ولم ترد وحدة الوجود في فلسفات الفلاسفة المتأخرين إلا نادراً حتى تقابل مع (ثنائية الوجود) والمراد من هذه أن للوجود ضلعين: مادة هيولانية وعقلاً متفاعلين. ولهم في (الثنائية) أبحاث عويصة جداً

وعند أهل العلم، العقل هو كالحياة أحد منتجات تفاعل المادة؛ فهو والحياة والاجتماع وأدب النفس، كل هذه ظاهرات للمادة - الهيولي أصل كل شئ

وما وراء الطبيعة الذي زعمه الفلاسفة وتفلسفوا به كالحرية والجبرية والقدرية والعلة والمعلول الخ ما هو الإنتاج عقلي، والعقل كما قلنا نتاج المادة. فإذن ليس وراء الطبيعة شئ. وما نزعمه (وراء الطبيعة) ونتفلسف به إنما هو ضمن نطاق الطبيعة - طبيعة المادة - الهيولي

الهيول أصل كل شئ، ومنها وحدانية الوجود

وأما مسألة نسبة الله إلى الوجود أو نسبة الوجود إلى الله، فمسألة فقهية لاهوتية لا أتعرض لها بتاتاً.

نقولا الحداد

حول مذهب وحدة الوجود

ليس أيسر على الناس من أن يقرفوا الفلاسفة والمفكرين بالكفر والإلحاد، فإن من دأب العامة أن تتمرد على كل ضرب من ضروب الامتياز؛ وهؤلاء قد تفردوا بالامتياز العقلي، فلابد أن يكونوا موضعاً لاتهام العامة. ويظهر أن الناس أسخياء في منح لقب (الإلحاد) سخاءً ما بعده سخاء، فإن واحداً من المفكرين لم ينج من هذا اللقب الذي لا يكلف الناس كثيراً! وقد كان أصحاب القول بوحدة الوجود - من بين سائر المفكرين - أكثرهم تعرضاً لهذا الاتهام، فحكم على الفيلسوف الإيطالي جيوردانو برونو بالحرق، وحكم على الفيلسوف اليهودي أسبينوزا بالطرد من الكنيسة اليهودية، وكفر غيرهما ممن قال بوحدة الوجود كابن عربي في الإسلام، وسكوت إربجين في المسيحية. ولكن على الرغم من

<<  <  ج:
ص:  >  >>