وهذا سبب آخر قد يكون وصمة في جبين الحياة الأدبية المغربية ومانعاً من الموانع التي تعوقها عن التقدم وتدفعها نحو الضعف والجمود، ذلكم السبب هو البخل على الأدب، أعني عدم وجود الناشرين لهذا الأدب الذي نود أن يبعث. فمن دواعي النشاط الأدبي أن يجد الأديب الذي يقف قسطاً من حياته على تأليف كتاب أدبي أو نظم ديوان شعر ناشراً يبرز مجهوداته إلى الوجود ويخرجها إلى الناس ليعرف مقدار عمله، ويكون ذلك مشجعاً له على المضي في سبيله والمغاربة - مع شديد الأسف - ليس فيهم من يشفق على هذه الحياة الأدبية، وينظر إليها بعين العطف والحنان فيقف قسطا من ماله على نشر الكتب الأدبية والدواوين الشعرية، أو يقدم جائزة - مثلاً - لمن يؤلف كتاباً في الأدب، مع أن فيهم الأغنياء الذين يستهلكون ثروتهم في شهواتهم فقط. وكما لا يوجد أفراد من هذا النوع في الوسط الغربي لا توجد هناك شركات تجعل موضوع تجارتها نشر الكتب الأدبية المغربية. ولست أدري لذلك من سبب سوى عدم الإشفاق على الأدب المغربي. أما لو وجد الناشرون لبرز شطر من الأدب المغربي المخبوء، ولتكونت حركة أدبية في المغرب، فلعل السبب الوحيد الذي يدعو الشعراء المغاربة لعدم نشر دواوينهم هو فقدان هاته المساعدة المادية. فهذا شاعر الشباب الأستاذ محمد علال الفاسي يود أن ينشر ديوانه (روض الملك) ولكن أين هو الناشر؟
هذه جملة الأسباب التي تعين على ضعف الحياة الأدبية في المغرب أجملنا القول فيها أجمالاً، لنعلل فقط هذا الضعف المزري بحياتنا الأدبية، وليظهر للقارئ السبب الداعي لخمود الحركة الأدبية في المغرب. . .