تهذيب الأسماء واللغات للنووي وفي غيره أيضاً. هذه ثانية.
فإذا شئت أن تزداد علماً فخذ كتاب (المخصص) لأبن سيده ج١٢ ص ٣١١ وأقرأ قوله: (فأما قولهم: سلام عليك، فإنما استجازوا حذف الألف واللام منه، والابتداء به وهو نكرة، لأنه في معنى الدعاء، ففيه وإن رفعت معنى المنصوب. يريد كأنك تدعو فتقول: (سلاماً). وقوله (استجازوا) دليل على أن الأصل هو التعريف بالألف واللام في ابتداء التحية، وأن الحذف ترخُّص منهم، وهو شبيه بقول الأخفش. هذه ثالثة.
فإن شئت أن تضرب الأمثال لنفسك بالشعر كما ضربتها لي، فاقرأ قول جرير في ديوانه ص ٤٤٣ وفي النقائض ج١ ص٢١٢
يا أمّ ناجية السلام عليكم ... قبل الروح وقبل لوم العذّل
هذه رابعة.
وأن شئت أن تقرأ قول لبيد في الخزانة ج١ ص ٢١٧ - ٢١٨، وفي ديوانه:
إلى الحول ثم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
فافعل تجد قولهم أن كلمة (اسم) مقحمة، وتقدير الكلام فيما يقول النحاة:(ثم السلام عليكم) وتجد أيضاً في إحدى روايات (إلى سنة ثم السلام عليكما). هذه سادسة.
فانظر لنفسك هل أخطأ كل هؤلاء وأصبت أنت؟
واعلم مشكوراً أن المقام في هذا كله مقام ابتداء لا مقام ختام مسبوق بسلام منكرَ غير معرف.
وأما نص ابن قتيبة فهو كلام لغموض فيه، فالرجل يقول لك:(تكتب في صدر الكتاب: سلام عليك، وفي آخره السلام عليك) ولم يقل لك إنه ينبغي، ولا أن القاعدة (أن تكتب في صدر الكتاب كذا. . .)، وهو إنما ذكر هذا في كتابه في (باب الهجاء) لا في باب أدب الكتابة كما ترى، ولم يأمر الرجل ولم ينه، ولم يقل لك إن من قال في أول كتابه (السلام عليك) معرفاً فقد أخطأ، كما شئت أنت تقوَّله. وأما ما ذكره من أمر التعريف، فإنه أراد أن يعلمك لم عُرّف ثانيا وقد جاء منكراً وهو أول، وكان حقه أن يأتي في الآخر منكراً مرفوعاً كما جاء في الأول فقال لك: (لأن الشيء إذ ابدئ بذكره كان نكرة، فإذا أعدته صار معرفة، وكذا كل شئ تقول: مر بنا رجل، ثم تقول: رأيت الرجل قد رجع. فكذلك لما