إلى القاهرة، ودار بينهما حديث نشره المقطم، ومما قال فيه: وجاء على لساني عرضاً ذكر برتلميه سانت هيلير فقال السيد: بعد أن تنتهي من حديثك سأذكر عبارة تاريخية تنسب إلى سانت هيلير. فتكلمت وأسهبت، ولكن السيد لم ينس وعده فلما انتهيت قال لي:
قال سانت هيلير في تاريخ النبي محمد الذي ألفه باللغة الفرنسية إنه كان يشك في صدق النبي في رسالته حتى قرأ في جميع السير أنه لما نزلت آية الحفظ ووعد الله نبيه بأنه سيتولى حراسته (والله يعصمك من الناس). بادر محمد إلى صرف حراسه، والمرء لا يكذب على نفسه ولا يخدعها؛ فلو كان لهذا الوحي مصدر غير الله لأبقى محمد على حرسه.
وقالت مسز سررجني نائدو الشاعرة الهندوسية: لقد دعا الإسلام قبل اليوم بثلاثة عشر قرناً إلى المساواة والأخوة، وقد أسس الإسلام أول جمهورية كان القانون الإلهي رائدها، والفقير والغني سواء فيها، ولا شك مطلقاً أنه يأتي يوم يبتلع الإسلام فيه جميع الأديان.
وقال شبي شميل: إن في القرآن أحوالا اجتماعية عامة، حتى في أمر النساء فأنه كلفهن بأن يكن محجوبات عن الريب والفواحش، وأوجب على الرجل أن يتزوج بواحدة عند عدم إمكان العدل، وأن القرآن فتح أمام البشر أبواب العمل للدنيا والآخرة، ولترقية الروح والجسد، بعد أن أوصد غيره من الأديان تلك الأبواب فقصر وظيفة البشرية على الزهد والتخلي عن هذا العالم الفاني.
وقال هنري دي شامبون مدير (ريفوبارلمنتير) الفرنسية: لولا انتصار جيش (شارل مارتل) الهمجي على تقدم العرب في فرنسة لما وقعت فرنسة في ظلمات القرون الوسطى ولما أصيبت بفظائعها ولا كابدت المذابح الأهلية الناشئة عن التعصب الديني والمذهبي. ولولا ذلك الانتصار البربري على العرب لنجت أسبانيا من وصمة محاكم التفتيش، ولولا ذلك لما تأخر سير المدنية ثمانية قرون، ونحن مدينون للشعوب العربية بكل محامد حضارتنا في العلم والفن والصناعة؛ مع أننا نزعم اليوم أن لنا حق السيطرة على تلك الشعوب العريقة في الفضائل. وحسبها أنها كانت مثال الكمال البشري مدة ثمانية قرون، بينما كنا يومئذ مثال الهمجية، وإنه لكذب وافتراء ما ندعيه من أن الزمان قد أختلف، وأنهم صاروا يمثلون اليوم ما كنا نمثله نحن فيما مضى.