للفؤاد أن أراك ظالماً مغضباً، وأن تنسب إلى الجرائم الوهمية وأن تثأر مني للأذى الذي لحق بك من خليلتك الأولى من أن تطفر في وجهك هذه المسرة الرهيبة وهذا المظهر الخليع الذي ينتصب حجاباً من الصلد الأصمّ بين شفتي وشفتيك. قل لي أكتاف، لم هذا الصقيعُ في شفاهك؟ ولم هذا التهكم والاحتقار يبينُ في حركاتك وسكناتك؟ وإنك لتسخر - بحزن شديد - حتى من أعذب صباباتنا، وكيف استحوذت على أعصابك المهيجة هذه الحياة الماضية الرهيبة حتى تنثال من فمك مثل هذه الشتائم بالرغم منك؟ أجل بالرغم منك لأن لك قلباً نبيلاً وتصطبغ خجلاً مما تفعل. أنت تحبني كثيراً ويجب أن يُسعدك هذا الحبُّ لأنني آلم منه كما ترى. آه! أعرفك الآن!. . وعندما وقع بصري عليك لأول مرة وأنت على حالك هذه عراني هول شديد لا شيء يعطيك صورة عنه. ولقد حسبتك ماجناً في توددك إليَّ، وأنك تحاول خدعي بسيماء هذا الحب الذي لم تكن لتحس به، وإني أرى حقيقة نفسك كما بدت لي لأول وهلة. أواه يا صديقي! لقد فكرت في الموت وأية ليلة نكراء قضيت! أنت لا تعلم حياتي ولا تدري أنني - أنا التي أخاطبك - قد خلصتُ من هذه الحياة بتجربة هي أعذبُ من تجربتك وأحلى. وا أسفاه! الحياة عذبة سائغة ولكن عند من لا يعرفونها
أي عزيزي أكتاف! لست بالرجل الأول الذي أحب. إن في أعماق هذا القلب ذكرى مشئومة راقدة أحب أن أطلعك عليها
أعدَّني والدي منذ بكوري في الحياة إلى ابن صديقه الأوحد، وكانا جارين في الدار والأرزاق؛ وعاشت العائلتان على هذا النمط من الاختلاط والوحدة. مات أبي وتصرّم زمن طويل على فقدان أمي فانتقلت إلى وصاية خالتي التي تعرفها، وأزمعت خالتي سفراً فأسلمتني إلى حمِىِّ الذي عشت في كنفه برهة من الزمن، وكان يدعوني بابنته، وكان الجيران يعرفون خطوبتي من ابنه، فيتركون لنا الحرية التامة
تظاهر دوماً هذا الشاب الذي لا أدري حاجة إلى ذكره بمحبتي، فقد كان صداقة ساذجة من أيام الطفولة تحولت إلى حب وهيام مع الزمن. وكان يقص عليَّ عندما نخلو، أو نكتَنُّ في زاوية من البيت عن السعادة التي تنتظرنا وذهوب صبره، وكان يكبرني بسنة واحدة، ولكنه تعرف إلى رجل من الجيران سيئ العيش محتكر للصناعة فوسوس له وأغواه،