للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وحليل غانية تركت مجدلا ... تحكو فريصته كشدق الأعلم

فشككت بالرمح الأصم جنانه ... ليس الكريم على القنا بمحرم

فتركته جزر السباع ينشنه ... ينحضن حسن بنانه والمعصم

كأن جماجم الأبطال فيها ... وسوق بالأماعز يرتمينا

نجز رؤوسهم في غير بر ... فما يدرون ماذا ينفرونا

ولكن حياة العرب - كما قدمنا - تعتمد على التجارة ورزقهم منها ولابد أن يتجروا ليعيشوا - والأثر الوارد: تسعة أعشار الرزق من التجارة. والرسول كان منذ الصبا تاجراً وأبوه وعمه وجده تجار، وزوجه خديجة ترسل في التجارة أموالها وبسبب من التجارة كان زواجها - وأبو بكر وعمر وعثمان تجار، وما شئت من وجوه الصحابة وأشراف العرب كانوا يعملون في التجارة.

واللغة نفسها تحمل أثر التجارة وغلبتها على أعمالهم؛ فالإيمان تجارة لن تبور، وتجارة تنجيكم من عذاب أليم، والله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة. والمؤمنون لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله. وعهد الخلافة بيعة.

فلا بد لهم من تجارة ليعيشوا ويرتزقوا. ولا مناص لهم من الحرب ليثأروا ويتسلطوا، ونا عظمت شعائر الأشهر الأربع الحرم. وشاعت البيوت المحرمة الآتية وكان أمجدها بيت قريش بمكة، وحرم الله الذي امنن به القرآن على قريش (أو لم يروا أنا جعلنا لهم حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم).

وبدت عادة التحالف وتضام بعض القبائل إلى بعض والحرص على العهد والوفاء بالعقد.

واذكروا حلف ذي المجاز وما قد ... م فيه - العهود والكفلاء

حذر الطيش والتعدي وهل ... ينقض ما في المهرق الأهواء

وبدت نغمة التحذير من الحرب والثناء على السلم وتمجيد مساعيه:

يميناً لنعم السيدان وجدتما ... على كل حال من سحيل ومبرم

تداركتما عبساً وذبيان بعدما ... تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم

وقد قلتما أن ندرك السلم واسعاً ... بمال ومعروف من القول نسلم

فأصبحتما منها على الخير منها موطن ... بعيدين فيها من عقوق ومأثم

<<  <  ج:
ص:  >  >>