المختلفة لظاهرة تاريخية، نعتبره علة ذلك السبب الذي يكون مرتبطا بالظاهرة التاريخية بواسطة الرابطة الأكثر عمومية). والواقع أن الخلط بين العلل والوسائط شائع في التاريخ إلى ابعد حد فلا يجب أن نعتبر فولتير وروسو ومونتسكيو عللا مباشرة للثورة الفرنسية بما أذاعوه من التعاليم والمبادئ، وإنما هؤلاء الرجال وسائط فحسب؛ بحيث أنه إذا لم يكن هؤلاء الرجال قد وجدوا فانه لمن المؤكد أن وسائط أخرى كانت ستتولد من خميرة الثورة الكامنة في الشعب الفرنسي. فيجب على المؤرخ أن يحترس من الخلط بين العلل والوسائط. والعلل تكون دائماً قوانين عامة.
نتيجة أولى:(يكون من الضروري دائماً تفسير السبب المباشر (العلة). أعنى أن القضيتين السابقتين ستفرضان على المؤرخ أن يحلل السبب المباشر للواقعة التاريخية تحليلا وقتيا حتى يكون تفسيره علميا صحيحاً.
نتيجة ثانية:(الوصول في أبحاثنا عن العلل التاريخية إلى قضايا تتكون الرابطة بينها صحيحة دائماً). وهذا ما ينتهي إليه البحث العلمي وهو اكتشاف القوانين الصادقة دائماً.
تلك هي قواعد سيميان الأربع الشكلية، وضع اثنتين منها على صورة قضايا واثنتين على صورة نتائج لتأخذ قواعده الطابع العلمي الرياضي.
وبهذه القواعد يكون للمؤرخ منهج عملي في أبحاثه؛ ويكون موقفه من التاريخ هو موقف العالم الاجتماعي.
التاريخ: ما هو؟
سؤال افتتحنا به هذا البحث؛ والآن نعلم أن التاريخ ليس شيئاً آخر غير الإنسان: هذا الكائن الاجتماعي. ولست ازعم أنني في بحثي هذا - رغم ما كلفني من مشقة - قد أحطت إحاطة تامة بكل تفاصيل هذا الموضوع، ولكن لعلها محاولة أرجو أن تتيح لي الأيام فرصة مواصلتها لتحقيق تلك الصلة الوثقى بين علم التاريخ وعلم الاجتماع.