على أبسطها صنعاً مناظر الطبيعة وجمالها المرئيات في خلال القطر المصري).
وليس هذا هو كل شئ في رقي الصناعات العملية في مصر بل إن هناك خوارق ومعجزات ظهرت على أيدي أولئك الصناع المهرة البارعين، فالتاريخ يحدثنا بأن الصائغين قد بلغوا في صناعة الحلي دقة لم يسع فنيي مصر الحديث إلا أن يعترفوا أمامهم بعجزهم الكامل عن مجاراتها، وهو ينبئنا كذلك بأن صناع الكؤوس والأكواب قد وصلوا في صناعتهم إلى حد أن يبتدعوا أكواباً من الصوان تشف عما في دخلها فيرى في وضوح كما يرى ما هو في داخل الزجاج سواء بسواء، وأن النساجين توصلوا إلى صنع غلائل من الكتان شفافة لا تحجب ما وراءها ولا ريب أن هذا هو في الصناعة أعلى مراتب الإعجاز.
ويحدثنا الأستاذ (بريستيد) في صفحة ٦٦ من كتابه (أن مهندسي العمارة والبنائين عرفوا شيئاً كثيراً من علم رفع الأثقال (الميكانيكا) كما يستدل من قبو مقبرة ببيت الخلاف يرجع تاريخها إلى القرن الثلاثين قبل الميلاد وغير ذلك مما يبرهن على أن العلوم العقلية والعملية كانت قد وصلت في مصر إلى أبعد مدى تستسيغه تلك العصور.
هذا، ولما كانت الفلسفة الهندية هي أهم الفلسفات الشرقية جميعها بعد فلسفة مصر من ناحية وأقدمها إلا الفلسفة المصرية من ناحية أخرى فقد آثرنا أن نثني بها بعد أن بدأنا بفلسفة وادي النيل التي هي مبدأ الجميع في رأي أدق العلماء والباحثين.