للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أحسبك بعد أن صورت لك هذه المنزلة العالية التي ارتقى إليها الطب المصري في العصور القديمة توافقني على أن الآراء القائلة بأن الطب المصري كان نوعاً من الرقي والتعاويذ السحرية أو مشوباً بها كما صرح الأستاذ أمين الخولي في مذكراته صفحة ٤٤ هي ضرب من الخرافات التي ليس لها من الأدلة العلمية مستند ولا دليل

وإذا ألقينا نظرة متأملة على الرسم مثلاً وجدناه لا يقل روعة وجلالاً عن بقية الفنون والعلوم الأخرى التي أسلفنا لك أنها كادت تصل إلى مرتبة الكمال

وأخص ما يمتاز به الرسم المصري هو ما يشاهده عليه الرائي من الحياة لأنك حين تنظر إلى ما يرسمونه من صور لا تشك في أنها حية تستمتع بالحركة والإحساس وذلك لإتقان رسمها وإجادة الفن فيها.

ولقد بلغ هذا التصوير درجة جعله يعم المعابد والمقابر ثم يتخطاها إلى المنازل والمنتديات، والحدائق والمتنزهات والمحاكم والدواوين وينقش على الحوائط والأسوار والسقوف والأراضي وفي غرفة النوم وحجر الاستقبال وقاعات المائدة وفي كل مكان. وإليك ما قاله الأستاذ (بريستيد) في هذا الشأن:

(وبلغت الفنون الجميلة درجة قريبة من الطبيعة. بعيدة عن الأوهام لم تبلغها أية بلدة أخرى في تلك العصور القديمة) إلى أن يقول: (بل كان المصري مغرماً بمظاهر الطبيعة الأصلية فقط كما يراها داخل منزله وخارجه، ولذلك نقش زهر (اللوطس) على أيدي ملاعقه وشرب النبيذ في أقداح زرقاوية اللون على شكل برعوم اللوطس، وصنع أرجل سريره بهيئة أرجل الثيران القوية العضلات ولبسها بالعاج، ورسم سقف منزله بهيئة سماء تبدو منها النجوم ورفعها على عمد شبيهة بالنخيل الباسقة الأغصان أو بسيقان اللوطس المنتهية أعاليها ببراعيم ذلك النبات، وكثيراً ما زين المصري سقوف حجراته برسوم الحمام والفراش الطائرة بين الأشجار. وكان يحلي أرض منزله باللون الأخضر على شكل مستنقعات يسبح بين أعشابها السمك ونشاهد بها أحياناً ثيراناً وحشية طاردة للعصافير المحلقة فوق الأعشاب المائلة، ويرى الناظر أن هذه الطيور تسعى في الوقت نفسه لخلاص صغارها من ابن عرس الذي يريد افتراسها.

أما الأدوات المنزلية المستعملة يومياً في منازل الأغنياء فجميلة متناسبة الأجزاء تشاهد

<<  <  ج:
ص:  >  >>