المسلمون أو كفها فإن رأيي في ذلك أن تمضي رأيك راشداً موفقاً
ما كاد يصل أمر الخليفة إلى الحجاج بالتعبئة العسكرية حتى عبأ أربعين ألفا من أهل الكوفة والبصرة، أعطاهم أعطياتهم كاملة وسلحهم بأحسن السلاح وحملهم على أروع الخيول وأخذ يستعرضهم استعراضا عسكريا فلا يرى رجلا تذكر منه شجاعة إلا أحسن معونته، ولكن من لهذا الجيش (جيش الطواويس) كما كان يسميه الحجاج يقوده فيؤدب به أولئك المشركين الغادرين ويسترجع بلادا إسلامية تكاد تطير من حظيرة الإسلام؟ ليس لهذا الأمر العظيم غير عبد الرحمن بن الأشعث. فولاه الحجاج على قيادة هذا الجيش العظيم برغم نصيحة إسماعيل بن الأشعث له بعدم تولية عبد الرحمن إذ قال للحجاج: لا تبعثه فإني أخاف خلافه والله ما جاز جسر الفرات قط فرأى لوال من الولاة عليه طاعة وسلطاناً
طار عبد الرحمن إلى سجستان فما كادت قدمه تطأ أرضها حتى جمع الناس فصعد المنبر ثم قال: أيها الناس إن الأمير الحجاج ولاني وأمرني بجهاد عدوكم الذي استباح بلادكم وأباد خياركم. فإياكم أن يختلف منك رجل فيحل بنفسه العقوبة. اخرجوا إلى معسكركم فعسكروا به مع الناس. فعسكر الناس كلهم في معسكرهم فبلغ ذلك روتبيل فكتب إلى عبد الرحمن يعتذر إليه من مصاب المسلمين ويخبره بأنه كان لذلك كارها الصلح عليه ويعرض عليه أن يقبل منه الخراج. ولكن عبد الرحمن عرف أن روتبيل يخادعه فلم يعبأ بقوله وسار بجيشه الجرار حتى دخل بلاد المشركين فانكمش المشركون أمامه انكماش هزيمة، وأخذوا يحلون له بلادهم بلدا بلدا وحصونهم حصناً. . حصناً، فأخذ عبد الرحمن كلما حوى بلدا بعث إليه عاملا وبعث معه أعوانا، ووضع البرد بين كل بلد وبلد، وجعل الأرصاد على المرتفعات والشعاب، ووضع المخافر المسلحة في كل مكان مخوف. حتى إذا حاز من أرض المشركين قسطاً عظيما وملأ يديه من الغنائم والأموال وقف الزحف وقال: نكتفي بما أصبناه هذا العام من بلادهم حتى نجيبها ونعرفها ويجترئ المسلمون على طرقها، ثم تحتل في العام المقبل ما ووراءها، ثم لم نزل تنتقصهم في كل عام طائفة من أرضهم حتى نقاتلهم آخر ذلك على كنوزهم وذر أريهم وممتع حصونهم ثم لا تزال بلادهم حتى يهلكهم الله
كتب عبد ارحمن بن الأشعث إلى الحجاج بما فتح الله عليه من بلاد العدو وبخطته العسكرية التي وضعها للاستيلاء التدريجي على بقية البلاد المغزوة فأجابه الحجاج: إن