للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كتابك أتاني وفهمت ما ذكرت فيه وكتابك كتاب امرئ يحب الهدنة ويستريح إلى الموادعة. قد صانع عدوا قليلا ذليلا قد أصابوا من المسلمين جندا كان بلاؤهم حسنا وغناؤهم في الإسلام عظيما. لعمرك إنك حيث تكف عن ذلك العدو بجندي وحدي لتحي النفس عمن أصيب من المسلمين

إني لم أعد رأيك الذي زعمت أنك رأيته رأي مكيدة ولكني رأيت أنه لم يحملك عليه إلا ضعفك والثياث رأيك فامض لما أمرتك به الوغول في أرضهم والهدم لحصونهم وقتل مقاتلهم وسلب ذراريهم ثم أردفه كتابا آخر قال فيه: مر من قبلك من المسلمين فليحرثوا ويقيموا فإنها دارهم حتى يفتحها الله عليهم. ثم أردفه كتابا ثالثاً قال فيه: امض لما أمرتك به من الوغول في أرضهم وإلا فإن إسحاق بن محمد أخاك أمير الناس فخله وما وليته. بمثل هذه اللهجة القاسية المذلة يخاطب الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث الحاقد الطموح القابض على زمام أكبر جيش مؤلف من أهل البصرة والكوفة الحاقدين على الحجاج وبني أمية. في حين أن ابن الشعث قد عمل عملا حربيا صحيحا أنتج طيبة وارتأى رأيا عسكريا فيه الشيء الكثير من الحكمة والحزم، فكان على الحجاج إما أن يقره على رأيه ويناقشه مناقشة تقوم على حفظ الكرامة وعدم إثارة كوامن الحقد في نفسه. ولننظر الآن الأثر الذي أحدثته كتب الحجاج لابن الأشعث

جمع ابن الأشعث الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إني لكم ناصح ولصلاحكم محب ولكم في كل ما يحيط بكم نفعه ناظر، وقد كان من رأي فيما بينكم وبين عدوكم رأي استشرت فيه ذوي أحلامكم وأولي التجربة في الحرب منكم فرفضوه لكم رأيا، ورأوه لكم في العاجل والآجل صلاحا، وقد كتب إلى أميركم الحجاج فجاءني منه كتاب يعجزني ويضعفني ويأمرني بتعجيل الوغول بكم في أرض العدو وهي البلاد التي هللت إخوانكم فيها بالمس وإنما رجل منك أمضي إذا مضيتم وأبي إذا أبيتم وماك ينتهي ابن الشعث من خطابه حتى هب الجيش محتجا على الحجاج ثم أفضى الأمر إلى خلع الحجاج وإعلان العصيان له والخروج عليه، وهذا ما أراده ابن الأشعث الطموح المزاحم للحجاج على إمرة العراق. خلع جيش العراق الحجاج وبايع ابن الأشعث فهب عبد الرحمن يقود الجيش إلى العراق ليحتله ويتربع على كرسي الحكم فيه. وكان ابن الأشعث يضمر أكثر من هذا فقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>