يخرجه إخراجاُ قوياً. انظر إلى البقرة تثني عنقها لمداعبة ابنتها العجلة الصغيرة يشاركها في الرضاعة ولد صغير
والصورة - ٥ - ذات موضوع خلاب يهم المشتغلين بتاريخ القضاء، فهي تمثل قاضياُ جلس إلى منصة الحكم، وأمامه رجل يقص حادث سرقة ووراءه آخر انتهى من تأدية شهادته. بعدئذ ترى أحد رجال الأمن قابضاً على عنق لص وعلى يده، ثم ترى آخر وقد كبل رجل من يساره بالحديد. وخلف الجميع رجل يجر الماعز المسروقة لإثبات الحادث
والى يسارها صورة تبين كيفية توقيع العقوبة بالجلد، وذلك بطرح المجرم أرضاُ، وضربه على الظهر بعصا، وإذا نظرت إلى أقصى اليسار ترى رجل ممسكاً بقدمي الجاني، أما يداه فقد أمسكهما رجلان قعدا عند رأسه
والصورة - ٦ - وجدت ببني حسن، وهي أيضاً طريفة الموضوع، تهم المؤرخ الفني، فهي توضح في جلاء الطريقة التي اتبعها الفنانون في التصوير، فترى الفنان وقد جلس متوسطاً الصورة ممسكاً ريشته بيمناه، وكأس الألوان بيسراه، مستمراً في تكميل تصويره لعجل صغير بعد أن أتم تصوير البقرة. وأمامه جلس مساعده ممسكاً لوحة التصوير
ووراء هؤلاء تشاهد فنانا آخر يلون تمثالا من الخشب أو الحجر، كما كانت عادة المصريين دائماً، وكما سبق التنويه بذلك المثال في الفائت
ومن هذه الصور الست، التي لا تعد شيئاً بجانب المئات التي تركها المصريون على حوائط معابدهم ومقابرهم، يمكننا أن نستخلص أن الفن لا يكون إلا حيث توجد الحضارة. وإن مصر عرفة قيمته وعملت على ترقيته في القرن العشرين قبل الميلاد، ولكنها مع مزيد الأسف لا تعرفه، ولا تعترف بوجوده، ولا تفهم حتى مدى نفعه أو ضرورته في القرن العشرين بعده؛ ولا أبلغ مما قاله شاعرنا احمد الزين تسجيلاً لهذه الحالة:
علام يجيد الفن في مصر متقن ... إذا كان بالتهريج نيل المراتب
فيا جهل واصلنا ويا علم فابتعد ... ويا حمق لازمنا ويا عقل جانب
أرى الجهل نوراً في بلاد رجالها ... خفافيش يعشيها ضياء الكواكب
إذا الشعب بالإهمال أرسب عاليا ... فلا عجب لو يعلو به كل راسب