الدم، وتجهد عضلات القلب قبل أن تؤثر على الشرايين الناجية للقب، وتكسبها السعة اللازمة لمرور كميات الدم اللازمة للحياة. فالذبحة الصدرية علة تصيب هذه العضلات، فتجعلها تنقبض وتضيق وتمنع مرور كميات الدم اللازمة لتغذية القلب، فتعرقل مهمته.
وصفة بلدية:
وأحمد بك كسواه من الطبقة المثقفة النشطة القليلة الإيمان بالوصفات البلدية: قدمت إليه زوجه مغلي بذر الخلة مرات ليجرب، فنظر إليها ساخراً أن يفلح الجهلة فيما فشلت فيه علوم الطب. سمع أحاديثها، وقصص جيرانه ومعارفه مرات عن فائدة بذر الخلة في شفاء الذبحة الصدرية، فلم يصدق أن الطب عمى عن رؤيتها. وقالوا له: جرب، فلن تخسر شيئاً. فأجابهم وأقنع نفسه بأنه قد يأتي لنفسه بعلة جديدة قد تكون أقوى وألعن.
واستشار أطباءه، فرأى في عيونهم نظرات السخرية والاحتقار، وقرأ فيها إمارات اللوم، لأنه يقبل أقوال الجهلاء والعامة. ولكن العلة كانت شديدة الإلحاح، فلا يكاد ينفعل، أو يبذل جانباً من نشاطه حتى تفاجئه، فتأتيه في مكتبه، وفي الطريق، وفي بيته أيضاً. فخشي أن ينفذ ملك الموت مهمته في غفلة منه، ودفعته فظاعة الألم وحب الحياة لأن يجرب، ولا سيما أن كثيراً من معارفه يتعاطونها، فلم تحدث لهم من مضاعفات كما يتوهم.
وأخيراً، استسلم وأقبل على تناول مغلي بذور الخلة وهو يتجاهل طعمه الكريه، ويتحمله في صبر؛ فإذا العلة تهادنه، وإذا النغصات المؤلمة تبتعد عنه، فتقصي شبح عزرائيل واصطفاق جناحيه. واستمر بضعة أسابع، فاسترد حالته المعنوية، وأحس في وصفته البلدية بسر جهله الطب وأنكره، أو سخر منه!
جهل يقود العلم:
فقصد إلى طبيبه واثقاً من توفيقه، متوقعاً أن يسمع عبارات السخرية، وأن يرى نظرات اللوم. ولكن الطبيب لم يكن أقل دهشة منه لما رآه في حالته من تحسن ملموس، ولما وجده فيه من إيمان ويقين. ومن ثم بدأ الكشف العملي يزيح الستار عن عقار جديد وعلاج فعال للذبحة الصدرية التي تفتك بالصفوة المختارة من أبناء العالم كله. فهي لا تصيب في الغالب سوى الطبقة المفكرة الشديدة النشاط، والكثيرة الحساسية والإدراك.