للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن الواجب تركيز الهجوم الأكبر على جبهة غير الجبهة البلجيكية الغربية، وهي جبهة (الأردين) لأن الهجوم فيها غير منتظر، والمفاجأة من قبله أقرب إلى النجاح.

اسم هذا الضابط الشاب فون مانشتين، وقد سخط عليه رؤساؤه لاجترائه على انتقادهم، وحسبوا أنه يشق طريقه على رؤوسهم إلى ثقة هتلر وإعجابه، فنفذوا الخطة مضطرين لأنها أصابت هوى من هتلر، وأبعدوا الضابط الشاب عن كل مشاركة في تنفيذها.

ولم يكن هذا التحول المفاجئ أول المصادفات في هذه الغزوة الضخمة ولا آخرها.

فقد اتضح من الأوراق الرسمية أن النازيين لم يعرفوا قبل الحرب غاية امتداد خط (ما جينو) على وجه التحقيق، ولم يعرفوا المواقع التي كانت لا تزال يومئذ في حاجة إلى التعزيز والامتداد، فدلهم عليها في اللحظة الأخيرة، ضابط نمسوي من هواةتصوير المناظر من الطيارات.

كان هذا عمل المصادفة في اعظم نجاح أصابه النازيون في الحرب العالمية الماضية، او كان هذا عمل المصادفة في انهيار دولة كانت محسوبة في عداد العسكرية الأولى.

وليس هذا كذلك آخر المصادفات في الحرب العالمية، فإن هتلر أقدم على غزو روسيا وهو يقدر أنه سيجتاحها قبل نزول الشتاء، ولو أنه استطاع أن يوغل فيها قبل نزوله لكان من الجائز أن يتغير مجرى الحوادث في هذا الميدان.

ولكن مصادفة صغيرة حالت بينه وبين التقدم في الميادين الروسية كما شاء في الموعد المقدور.

لأن اليونان رفضت شروط إيطاليا وهزمت الجيوش الإيطالية فاضطر هتلر إلى إرسال فرق من جيوشه إلى ميدان اليونان، ليستريح من هذه الناحية ويحمى ظهره قبلالإيغال في الأرض الروسية، مخافة أن يدهمه الحلفاء من خلفه وهو مستغرق في قتال الروس.

ولم تنته المصادفات هنا وهي كافية في تحويل مجرى الأمور، بل اتفق في تلك السنة أن أمطار الشتاء نزلت قبل أوانها، وكان نزولها شديدا قارسا على خلاف المعهود في ذلك الموعد من كل سنة

والمصادفات في الحرب العالمية الماضية أكثر من أن تحصى، وحسبنا أن نزيد عليها مصادفة قريبة منا، وهي مصادفة العلمين وانسياق رومل إلى مطاردة الحلفاء قبل استيفاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>