للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حاجته من الوقود واضطراره إلى هذه المطاردة بهذه العجلة اغتناما لفرصة سانحة لعلها لا تعود.

وشأن الحروب الكبرى في الماضي كشأن الحرب العالمية في عنصر المصادفة. فلولا أن المدد البروسي وصل إلى (واترلو) قبل وصول المدد الفرنسي لكان من الجائز جدا أن يختلف مصير نابليون في ذلك الميدان.

ذلك عمل المصادفة في أعظم حوادث التاريخ.

ولا بد للمؤرخ من تسجيله وإعطائه كل حقه، لأنه واقع لا يحسن إغفاله، لأنه نافع للعاملين وفيه عزاء لهم وشحذ لرجائهم

فأما أنه نافع فلأنه لازم في كل تقدير صحيح.

وأما أنه يوليهم العزاء والرجاء فلأنهم ينتظرون بقية مأمولة بعد استنفاد الحيل وبذل الجهود.

ومن هنا كان خليقا بمؤرخنا الأديب محمود الخفيف أن يطمئن إلى نصيب صاحبه لنكولن من التنظيم والإعجاب، بعد ما عرف من أثر المصادفة في نجاحه.

فهكذا الشأن في كل حادث عظيم!

وهكذا الشأن في كل رجل عظيم!

وكل مطلع على التاريخ لن يخرج لن يخرج مما كتبناه عن لنكولن بأنه مدين للمصادفة بكل شيء، ولكنه يخرج منه بأن المصادفة كانت شيئا في تاريخ حياته وفي أسباب نجاحه، وكل شيء في تواريخ العظماء وفي أسباب نجاحهم لا غنى عن تسجيله والتنبيه إليه.

قلنا في قصة سارة إن (الدومينة عندنا أتم الألعاب، لأن الشطرنج والضامة يعولان على الحيلة، وكل شيء فيهما مكشوف بعد ذلك، والنرد يعول على المصادفة والذكاء، وكل شيء فيهمكشوف بعد ذلك، والورق إما مصادفة وإما صراع قلما يشبه صراع الحياة. أما (الدومينة) ففيها حساب للمصادفة، وفيها حساب للتدبير، وفيها حساب لليقين، وفيها حساب للظنون، وفيها حساب للغيب الذي تجهله أنت وخصمك، وللغيب الذي تجهله أنت ويعرفه خصمك، أو يجهله هو وتعرفه أنت، وللعيان الذي يعرفه كل من يشاء، ولها قوانين تمنعك أ، تتحرك على هواك، ولها حرية تمنحك الخيار بين ما في يديك).

<<  <  ج:
ص:  >  >>