للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صغيرة فوقه؛ فإذا كان الحرف المحرك منوناً كرر الحرف الصغير فكتب مرتين فوق الحرف أو تحته. ذلك لأن الفتحة جزء من الألف، والكسرة جزء من الياء، والضمة جزء من الواو؛ ووضع للتشديد رأس شين بغير نقط (ّ)، ووضع للسكون دائرة صغيرة وهي الصفر من الأرقام العربية القديمة؛ وذلك لأن الحرف الساكن خلو من الحركة، ووضع للهمزة رأس عين (ء) لقرب الهمزة من العين في المخرج. هكذا قالوا. والذي أراه أن هذه الشكلة إنما هي الميم المتوسطة في لفظ (همزة) لأنك إذا كتبت هذا اللفظ وحذفت الهاء من أوله والزاي والتاء من آخره ظهرت هذه الشكلة واضحة. ووضع لألف الوصل رأس صاد هكذا (ص)، توضع فوق ألف الوصل مهما كانت الحركة فيها؛ وللمد الواجب ميماً صغيرة مع جزء من الدال هكذا () فكان مجموع ما تم له وضعه ثماني علامات: الفتحة والكسرة والضمة والسكون والشدة والهمزة والصلة والمدة، كلها حروف صغيرة أو أبعاض حروف بينها وبين ما دلت عليه أجلى مناسبة وأوضح صلة، بخلاف علامات أبي الأسود وأتباعه فإنها مجرد اصطلاح لم يبين على مناسبة بين الدال والمدلول. وألف الخليل في هذا الموضوع كتاباً نفيساً فلم يزد أحد على طريقته هذه شيئاً ولا أصلح منها رأياً فكأنه ابتدأها وبه ختمت

(الموسيقى) لم يكن الخليل يعرف لغة أجنبية وليس فيه ميل إلى اللهو والقصف ولكنا رأيناه ألف كتاباً في الموسيقى جمع فيه أصناف النغم وحصر أنواع اللحون، وحدد ذلك كله ولخص وذكر مبالغ أقسامه ونهايات أعداده فصار الكتاب آية في بابه. ولما وضع اسحق بن إبراهيم الموصلي كتابه في النغم واللحون عرضه على إبراهيم بن المهدي فقال له: أحسنت!. . . فقال اسحق: بل أحسن الخليل لأنه جعل السبيل إلى الإحسان. فقال بعض أهل العلم: إن مهارة الخليل في علم الألحان هي التي أعانته على إبداع علم العروض.

(البقية في العدد القادم)

طه الراوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>