والتفت هذا مفتوح الذراعين ليحتضن أمنيته في الحياة. . . فما راعه إلا أن رآها منكبة على العاشق المصروع، تضمد له أوجاعه، وتهب له قلبها!!
فلما سئلت: لماذا غيرت رأيها؟ أجابت بأنها لا تستطيع إلا أن تحترم ذلك الذي أفنى كل جهده في سبيل الحصول عليها، ولم يبق لديه بعد ذلك شيء يغنيه!!
وهذه المرأة سليمة الشعور، قويمة العاطفة، وهي خير مثال يضرب لفكرة تقدير (البطل الخائب)، وإن كان هو في هذا المثال قد خرق القاعدة فنال ما تمناه بسهولة. . .
والنجاح السهل الذي يخيل لبعض الناس أنه ميزة يمتاز بها بعض من حبتهم الطبيعة ما يسمونه (الحظ)، وقد شوه الواقع تشويهاً، وأصبح من جملة الشرور البشرية التي يكابد منها كل فرد في كل مجموع!
النجاح السهل هو ما يريده كل الناس في كل الأزمان، لأنه خير اختصار للمجهود الشاق الذي ينبغي على الحي أن يبذله في سبيل حياته!
وأسطورة (الحظ) هي الحلم الذي يطرق أخيلة الطامحين بعد كل كابوس!
وليس معنى هذا أن ليس هناك (حظ) في الدنيا، ففيها كثير من الحظوظ والمحظوظين، ولكنهم - هنا أيضاً - القلة التي تثبت القاعدة ولا تنفيها.
ومن هذه الأسطورة نشأت شرور (الحياة الحالمة) التي تبدأ بالمراهقة، وقد تنتهي بالسجن والعذاب، أو بشفاء المسؤوليات التي لا يستطيع الفرد أن يضطلع بها.
والحالمون هم أولئك الناس الذين يريدون أن يختصروا الطريق إلى غاية معينة لكي ينصرفوا - من بعدها - إلى المثل الأعلى الذي يسعون إليه، فلا تنتهي حياتهم قبل أن يقطعوا الطريق، وتلتاث أفكارهم في الصراع على الآونة الحاضرة، ويصبح المستقبل عندهم أبعد من الماضي.
والمقامرون هم خير مثال لذوي الحياة الحالمة إذ كان مثلهم الأعلى هو الثروة! والموسوسون هم خير مثال لأولئك الذين يريدون السعادة الطهرية من أقرب طريق!
أما شر ما يمكن أن يصنعه (الحالم) في الدنيا، فهو بعد أن يتحقق حلمه الأول
فليست هناك قوة تقنع الإنسان بعد تحقيق أول حلم له بأنه غير موهوب وذي رسالة ينبغي عليه أن يؤديها