ألحدوا في إله الكنيسة فلن يلحدوا في إله الطبيعة الذي هم أقرب الناس إلى معرفته وتقدير صفاته.
ومن المؤسف أن إله الكنيسة في أغلب الأديان غير الإله كما يدركه العلماء في الطبيعة. هو إله بشري يتشكل في أجساد البشر في بعض الأديان، خاص بقبيل من الناس في بعضها الآخر، محب للدماء في البعض الثالث، محب لعذاب الناس وفناء أجسادهم في البعض الرابع، معقد فيه ناسوت ولاهوت وأقانيم متعددة في البعض الخامس. وهكذا وهكذا مما يعذر العلماء السائرون مع الفطرة البسيطة إذا كفروا به وآمنوا بمن يجدون يده في الطبيعة
وهنا يمتاز الإسلام امتيازا رائعاً في تقديم صورة للإله هي أسمى ما يمكن أن يدركه عقل علمي عن الكمال الإلهي مع بساطة واستيعاب هما سر الفطرة وطابعها الذي يأخذ بنواصي جميع الناس علمائهم المنتهين وجهالهم المبتدئين ومن بينهما في آفاق المعرفة والإدراك في القطبين وفي خط الاستواء وفي الشرق والغرب.
والواقع أن كل الأديان الإلهية قدمت هذه الصورة التي يدرسها العقل. ولكن يد التحريف وحب التأويل وتزيدات الكهان وعوامل الفناء التي لحقت الأديان وتقلبات الحوادث بنصوصها الأصلية هي التي مسخت الصورة الرائعة الكاملة التي قدمها الرسل عن الإله كما أوحى إليهم.
لقد وصف الإسلام الإله بما يرضي جميع الناس، فوصفه بأنه جبار قهار، ورحيم لطيف، ومنتقم ورؤوف، إلى آخر الأسماء الحسنى حتى يرضي أمثال زنوج أفريقيا وبرابرة التبت الذين لا يعبدون الإله إلا إذا كان جباراً، ولذلك يصورون آلهتهم كالفيلة بصور هائلة ذات عدة رؤوس وأيد وأرجل، وليرضي أمثال اليونانيين الذين كانوا يتخيلون آلهة متعددة للرحمة والجمال والتناسق والقوة والحب والحرب وغيرها.
وكأن الإسلام يقول لهؤلاء وهؤلاء: ربكم واحد فيه جميع ما تتصورون جميعا من الصفات الحسنى، فالتقوا جميعاً في رحابه بعبادة واحدة وأسلموا وجوهكم وقلوبكم إليه. (ولله المشرقُ والمغربُ فأينما تُولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم)(وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) (هو الله الذي لا إله إلا هو الملكُ القدوسُ السلامُ المؤمنُ المهيمنُ العزيزُ