للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمراء البشرة يكسو وجهها الناشف عدد لا يحصى من التجاعيد الصغيرة، على أنها وإن لم تكن تتجاوز الثانية والأربعين من العمر فإن الأيام قد قست عليها قسوة أخرجتها من معاني ذلك العمر إلى معان أخرى، إذ أن العمل الذي كانت قد وكلت به في تلك المقاطعة لم يكن راحماً ولا مجاملاً.

التفتت السيدة أيدس إلى بيتر كراوج وقالت له: وماذا عساك تريد مني أيها الفتى؟

قال: ها هم أولاء على أثري وعجلت إليك لأستخفي عندك؛ فلعلك مخبئة إياي في ركن من الكوخ لا تمتد إليه أبصارهم، حتى إذا ما ولوا الأدبار خرجت من هنا آمناً وانصرفت بعيداً عنهم.

قالت: ومن هم؟

قال: حراس الغابة.

قالت: ويك! أو تكون قد قاتلت الحراس وأصبت منهم واحداً؟

قال: أجل فقد دانيت حروف الغابة أريد أن أنتزع منها ما يمسكني، فشعر بي هؤلاء العسس وكانوا أربعة وكنت وحيداً، فلجأت إلى بندقيتي فصوبتها إليهم وأطلقت منها رصاصة ثم هربت، وها هم أولاء على أثري كما قلت، ويغلب على ظني أنهم مني جد قريبين

ولقد سكتت السيدة أيدس لحظات كأنها تفكر، وسكت هو كأنه يستعطف؛ ثم بادهها بالكلام قائلاً: إن كنت يا سيدتي لا تريدين قبول رجائي من أجلي فليكن ذلك من أجل صديقي (توم)

قالت: ولكنك لم تكن من أصفياء (توم) أو المقربين إلى نفسه

قال: بلى لقد كنت، وهو أوفى أصدقائي، ولو كان حاضراً لما وسعه إلا أن يذود عني ويمهد لي من داره ما أشتهي مخبأ ومكاناً

قالت: إنني لا أستطيع أن أنفي هذا، فقد كان (توم) يمنحك من ظنه فوق ما تستحق فلا تثريب عليك في البقاء حتى يعود توم على الأقل فيسمع منك ما تقول، ويقول لك ما يجب أن تسمع، وسيعود بعد ساعة أو نحوها فماذا أنت فاعل بعد ذلك؟

قال: لا أدري ولكني لا يزال أمامي متسع من الوقت للتفكير في الموضوع.

<<  <  ج:
ص:  >  >>