سوهو.
قال: إن المقاهي كثيرة في أحسن من هذا الحي الحقير. ثم سكت وعاد ذهنه إلى الشرود، وبعد قليل التفت إليها وقال: ماذا كنت أقول لك الآن؟
فقالت: هل كنت تدعوني إلى العشاء؟
قال: إنني آسف، لقد كنت أفكر. . .
فقاطعته قائلة: إنني أقبل إذا أردت.
فابتسم وبدا على وجهه السرور؛ وقال: هذا حسن.
قالت: ولكن خطاب ابنك؟
فتحولت حالته مرة أخرى إلى الغضب وقال: إنني لن أبعث إليه بدرهم واحد.
قالت: إذا كانت هذه هي معاملتك لابنك فإني لن آتمنك على نفسي.
فقال الأب في شيء من الغضب: لماذا تهتمي كثيراً بابني؟
قالت: أنا لا أهتم؛ فقال: إذن فلماذا. . .؟ فأحنت رأسها ولم تجبه؛ وكان منظرها وهي تتحدث باعثاً لخاطر جنوني في نفس هذا الشيخ الفاني فانحنى وقبل شعرها اللامع؛ فقالت بصوت خافت وهي لا تزال مطأطئة الرأس: متى. . . غداً؟
فأجابها: نعم في الساعة السابعة.
قالت: وماذا تقول في الخطاب؟
ثم نظرت إليه وهي تبتسم ابتسامة مغرية؛ فقال: أتمي الخطاب كما تريدين.
فقالت وهي تستأنف الكتابة: أما عن المال، فإن طلبك إياه وقاحة.
قال: اكتبي كما تريدين. فعادت إلى الكتابة وهي تقرأ ما تكتبه: ولكني مع ذلك أبعث إليك تحويلاً بمبلغ خمسين جنيهاً، ثم قالت: هل أوقع الخطاب بتوقيع (والدك الحنون)؟
فلم يجبها؛ وسكتت هي أيضاً.
كان مطعم لويز بلو مزدحماً عند ما دخل هنري وكاتبته فجلسا متقابلين في وسط الزحام على جانبي منضدة، وكانت تحدثه بصوت رخيم وينظر إليها نظرة إعجاب وسألها: (هل أبواك على قيد الحياة؟)
فبدا عليها الاضطراب وقالت بصوت متغير: (إن أبي لا يزال حياً)