للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- لا أذوق للسعادة طعماً، ولا أجد الهناءة إلا حلماً!. ما أنا إلا نفسي معذبة وروح شقية في صفحة من صفحات (دستوفسكي)!.

(عرف العالم بهذه النفس يا (فلدمار)، وأذع خبر هذه الروح ذات الحظ العاثر والطالع النحس!. لقد أوشكت أن تبلغ من قلبي مبلغاً عظيماً. ولعلك لا تجدني بعد ساعة في هذا القطار) - خبرني!. ناشدتك الله. . . خبريني!.)

- (أعرني مسمعيك. . . لقد كان أبي كاتباً في (الخدمة) قتر عليه رزقه. . وكان ذا قلب تعمره الطيبة ويفيض عطفاً وحنواً وذا عقل ليس بالعاطل من الفطنة والمعرفة. . بيد أن الزمام أفلت من بناته وهو في غاية العمر، وتنكب جادة الرشد وهو على شفا القبر!. . فأدمن الخمر وأغرق في الميسر. . وأمتدت يده إلى الرشوة فلوثها دنسها!. وأني لا أضمر له لوماً. . بل طالما رثيت له وأشفقت عليه!.

وأمي! - ولكن ما الذي يدعوني إلى أن أمضي في هذا!. المتربة والعوز. . والنضال المرير في سبيل لقمة تسد الرمق!. . والمشاعر التي تكتنف المرء لإحساسه بتفاهة شأنه وحقارة أمره في موكب الحياة الصاخب! أوه! دعني. . لا تدفعني إلى أن أبعث هذه الذكريات وأثير تلك الشجون. . . لقد جاهدت في أن أشق سبيلي وأنت أدرى بحال التعليم في تلك المعاهد التي تأوي من يطلب العلم فيها، وما يجتاح الشباب - وهو يتفتح - من حماقات ونوات. . ثم هذه الخفقات الأولى بين الضلوع. . . للحب الوليد! إن ذلك لرهيب مهيب!. الحيرة والأضطراب، وتلك الآلام المبرحة التي تحز في نفسي حزاً عند من يفقد يقينه بالحياة!. . .

أوه إنك مؤلف!. وتدرك ما يفعم قلوبنا. . معشر النساء! لسوف تفهم كل شئ!. كم كنت تعسة شقية!: أتلمس السعادة وأي سعادة! وأتوق إلى أن أطلق لروحي عنان الحرية! أجل فها هنا. . . تكمن سعادتي وتستكن راحتي!.)

فغمغم (المؤلف). . وهو ينهال على رسغها العاجي فيلثمه مرة أخرى عند السوار!. (يا لك من مخلوق رائع! إني لا أقبلك أنت. . . بل أحي فيك الإنسانة المعذبة. . ألا تذكرين (رسكولنكوف) وبقبلته الخالدة!. .)

- (أوه. . . يا فلدمار. . إني لتواقة إلى المجد، مشوقة إلى الرفعة ظامئة إلى الشهرة! إني

<<  <  ج:
ص:  >  >>