للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأحن إلى أمر غير هذه الأمور التي لا تفتأ تدور على وتيرة واحدة. . . أمر غريب عجيب لا تألفه النساء!.

وبعد هذا!. ألفت إلى المقادير قائداً عجوزاً عظيم الثراء وافر النعمة!. هلا فهمتني يا فلدمار. لقد كانت تضحية بالنفس وأي تضحية!. وإنكاراً للذات وأي إنكار! ينبغي أن تعلم هذا!

لم يكن بوسعي أمر غيره فقد علقت (الأسرة) آمالها وعقدت أمانيها على أن أقبله. كم عانيت منه فلشد ما أثار سخطي وأهاج بغضي فقد كان عناقه شيئاً كريهاً وحديثه تافه النفس.

وكنت - على الرغم مني - أظهر له اللطف وأتكلف الرقة؛ إنها لحظات مريعة. بيد أن الرجاء كان يراود نفسي والأمل يداعبها فأمنيها اليوم الذي يوارى الرجل فيه التراب ويضمه اللحد حينئذ سوف يخلو سبيلي، فأحيا كما يروق لي وأهب نفسي إلى الإنسان الذي أعبده سعيدة راضية لا مجال للريب في أنه ثمة إنسان يقع من النفس موقع الشغف يا فلدمار).

وراحت السيدة الوضيئة تحرك مروحتها في شئ من العنف وبدا وجهها وكأنما اتخذت سماته الأهبة للبكاء، ومضت في حديثها مستأنفة (وأخيراً خمدت أنفاس الرجل وذاق منيته فحلق لي نصيباً ليس باليسير. لقد صرت طليقة كالطائر الذي يحوم في جو السماء فيقع على ما يهوى إنها الساعة التي حانت فيها سعادتي أليس كذلك يا فلدمار؟ لقد أقبلت السعادة تطرق نافذتي ولم يكن علي إلا أدعها تدخل.

ولكن أسمع يا فلدمار ففي هذه اللحظة التي كنت فيها أسعى لرجل الذي أهيم به حباً لأهبه نفسي وأصبح شريكة حياته، وساعد عون له وناصره لشوكته فأسعد به وأستريح اليه.

في هذه اللحظة تبددت الأوهام وطارت الأحلام شعاعاً. وإن حياتنا حقيرة تمجها النفس، تافهة لا معنى لها. إني بائسة أشد البؤس، يائسة أبلغ اليأس. . .!

لقد كانت ثمة عقبة أخرى في سبيلي فلما أنثنيت أتلمس السعادة إذا بها نائية عني بعيدة كل البعد. . . أوه! ما اشد هذا ألما وتبريحاً لو أنك تحس هذا الألم وتستشعر ذاك العذاب).

- (ولكن ما الذي قام في سبيلك ونهض في وجهك هذه المرة؟! بالله خبريني ما هو؟!).

<<  <  ج:
ص:  >  >>