حصلت سنة ٨١٥هـ - وهذا التاريخ (على ما أرجح) هو الصحيح. وقد يكون الاختلاف في الوفاة الموجود في كشف الظنون ناتجاً إما عن خلط في الأسماء أو في أغلاط مطبعية. والله أعلم.
وابن الهائم كما قلنا من الذين لم يعطهم التاريخ بعد حقهم من البحث والتنقيب، وقد يكون في كتاب الأنس الجليل عن حياته ما لا نجده في غيره من الكتب. ومن الكتاب المذكور يفهم ان ابن الهائم اشتغل في القاهرة، وانه لما ولى القمني تدريس الصلاحية أحضره إلى القدس، واستنابه في التدريس، وأصبح من شيوخ المقادسة. واستمر في وظيفته التدريسية إلىأن جاء الشيخ شمس الدين الهروي من هراة وكان حنفياً فرأى هذه الوظيفة فسعى اليها، واستطاع أن يأخذها من ابن الهائم. ولكن هذا لم يرق للأخير فسعى جهده لاستردادها، واستطاع أن يجعل ولاة الأمور يقسمون هذه الوظيفة بينهما. ونشأ لابن الهائم ولد نجيب اسمه محب الدين، كان نادرة دهره، ونابغة زمانه، ولكن المنية عاجلته فلم يعش طويلاً ومات صغيراً سنة ٨٠٠هـ. ومحاسن ابن الهائم كثيرة أهمها تمسكه الشديد بالدين، وكان دائماً لا يترك فرصة دون وعظ أو إرشاد، فتراه في أكثر الأوقات يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، وصار له مقام عند العامة وكان لكلامه وقع في القلوب، وتأثير على النفوس.
(وتوفى ابن الهائم في القدس الشريف في شهر رجب سنة ٨١٥هـ ودفن في مقبرة مأمن الله وقبره مشهور) وقد ذهبت بنفسي إلى القدس لأرى القبر فلم أتمكن من العثور عليه بسب أعمال الحفر التي قامت مؤخراً في المقبرة، واتصلت بالعارفين فقالوا إن قبر ابن الهائم كان يقع في الجهة الغربية على بعد بضعة أمتار من البركة وكان القبر مبنياً على شكل غطاء التابوت.
وابن الهائم من الذين درسوا على أبي الحسن علي بن عبد الصمد الجلابري المالكي ومن الذين ألفوا في الفرائض والحساب والجبر وله في ذلك كتب ورسائل قيمة منها:
كتاب شرح الأرجوزة لابن الياسمين في الجبر والمقابلة، ألفه في مكة سنة ٧٨٩هـ. وهذه الأرجوزة لدينا وقد أتتنا من الوطني العامل الأديب السيد عبد الله بن مكنون من أعيان طنجة بالمغرب، وسيأتي الكلام عنها عند البحث في ابن الياسمين. وله أيضاً رسالة اللمع في الحساب، ولدينا نسخة منها وقد نسخناها عن مخطوطة قديمة موجودة في المكتبة