يتأخر في يوم من الأيام عن تحقيق ما أطلبه منه!! ولهذا أحببته أنا الأخرى حبا شديدا وأصبحت لا أطيق الفراق عنه أو أستطيع الحياة بدونه!! أما ما جئت إليك اليوم من أجله فهو أن هنالك شابا يدعى تنكريد، وهو كما علمت من بعض الناس صديق حميم لك، اعتاد أن يمر من أمام منزلي كل يوم، وفي كل مرة يمر فيها أراه يرمقني بنظراته التي تدل على شدة حبه لي، وكثرة هيامه بي. وقلما يحول بصره عني طيلة الوقت الذي أكون فيه مطلة من نافذة غرفتي. فاضطر إلى مغادرة النافذة أو إغلاقها في وجهه خشية أن يتقول علي الناس بما يشين سمعتي أو يسيء إلى شرفي. وليس ببعيد يا سيدي أن يكون تنكريد هذا قد تعقب خطاي ورآني وأنا أدخل هذه الكنيسة، أو من المحتمل أن يكون الآن في انتظاري خارجها! وأصدقك القول يا سيدي أن هذا الأمر قد أصبح يضايقني أكبر المضايقة، ويؤلمني أشد الألم. بل لقد بلغ الأمر بي إلى حد أنني أصبحت أفضل الموت على أن أكون مضغة في أفواه الناس!
وبعد أن استرحت برهة قصيرة تابعت حديثها فقالت:
- وكثيرا ما فكرت يا سيدي في أن أحيط أخوتي أو زوجي علما بهذا الموضوع الشائن، ولكني لا ألبث في كل مرة أن أحجم عن ذلك حينما أتذكر أن الرجال غالبا ما ينهون مثل هذه الأمور بالضرب المؤلم الذي قد يفضي إلى الموت في كثير من الأحيان! وأخيرا استقر رأيي، حقنا للدماء وحسما للنزاع، على أن أطلب مساعدتك لسببين: الأول أن هذا الشخص صديقك فتستطيع من هذه الناحية أن تردعه بنفسك؛ والثاني أن من أهم واجبات القسيس الورع التقي إصلاح سيئات الناس وخطاياهم سواء أكانوا أصدقاء أم غرباء. وأنا أتوسل إليك يا سيدي أن تنصح صديقك هذا بالكف عن مغازلتي والامتناع عن النظر إلي. وإذا كان لابد له من هذه المغازلة فهناك كما أعلم سيدات كثيرات غيري يتمنين من صميم أفئدتهن أن يكن عشيقات وفيات له!!
ولما انتهت بريتولا من بث شكواها نكست رأسها كما لو كانت توشك أن تبكي من شدة الحزن والتأثر!!
ولم يشك القسيس الساذج في شيء مما قالته، بل أخذ عليه العكس يمتدح خصالها الطيبة ويثني على حسن تصرفها ورجاحة عقلها!! ووعدها أخيرا بتحقيق رجائها وإجابة ملتمسها.