مزدوجة، لأنها أرادت أن تضع حجرا جديدا في بناء كلية الطب، حيث فرضت أن لا يدخل الطالب كلية الطب إلا بعد أن يأخذ زاده العلمي من كلية العلوم، وهو تقليد جميل، لا يمتري في جماله غير الجهلاء
ثم رأت الجامعة أيضا أن لا يدخل طالب كلية الحقوق إلا بعد أن يمضي سنتين في كلية الآداب، ليتزود بالحقائق الأدبية والفلسفية، عساه يصير فيما بعد من أئمة التشريع
والطلبة الذين انتفعوا بذلك النظام هم المرجع في هذه الأيام لدراسة القوانين
أيها السادة:
كانت المشكلة في العهد الجديد أن تعرف الجامعة كيف تقنع الحكومة بقيمتها الذاتية، وكان الرأي أن تسير الجامعة على النظام الفرنسي، وهو يقضي على قصر التعليم الجامعي على أربع كليات: الآداب والعلوم والطب والحقوق، ثم رأت أن تسير على النظام الإنجليزي فترفع رايتها على جميع المعاهد العالية، ولي على هذا النظام اعتراضات لا يتسع لها المجال
والمهم هو النص على أن الجامعة استطاعت أن تسيطر على جميع الفروع بالتعليم العالي، أن تعلن استقلالها عن وزارة المعارف، وهذا مغنم ليس بالقليل، وهل من القليل أن تكون الجامعة دولة في جبين الدولة، وأن يكون التعرض لأحد مدرسيها مما يفتح باب الجدال في مجلس البرلمان؟
عندنا جامعة بالفعل، لا بالقول، وعندنا جامعيون لا يقبلون وظائف الحكومة إلا متفضلين، لأن الجامعة أعدتهم للجهاد في الحياة بلا سناد من هذا الوزير أو ذاك
رسالة الجامعة هي نصر الحياة على الموت، وقد نصرنا الحياة على الموت، فليجرب خصومنا حظوظهم في محاربتنا أن استطاعوا وأنا أخشى أن يستطيعوا، فقد سمعت أنهم يملكون بلايين ودشالين من القبور التي ترجع إلى عهد أدم وحواء!
أفي نيف وثلاثين عاما تصنع الجامعة هذا الصنيع، فتعز الذاتية الأدبية والعلمية، وتقول للرجل المفكر كن وجودا ذاتيا فيكون؟
كان ذلك لأنها أسست على التقوى، والتقوى هي الخوف، وكانت الجامعة تخاف أن ينهزم السلطان الأدبي والعلمي في هذه البلاد، وقد انتصرت لأن الخوف هو باب الأمان