إن تاريخ الجامعة في عهدها الجديد لا يتجاوز سبعة عشر عاما، وتلك مدة لا تكفي لإيجاد محصول تباهي به الجامعات التي طال عهدها بالوجود، فكيف اصل إلى إقناعكم بأنها أدت رسالات لم تؤد من قبل؟
أمامي مصاعب ترجع إلى أن الجامعة في عهدها الجديد قد انتظمت معاهد لها تواريخ، فكلية الطب حلت محل مدرسة الطب، ومدرسة الطب المصرية (مدرسة قصر العيني) قامت بخدمات كبار في أزمان طوال، وقد كتب عنها في اللغات الأوربية عشرات المؤلفات والبحوث، ولقد كان مجدها يهزني هزة الازدهاء حين أرى ما كتب عنها في المكتبة الطبية بحي السوريون
ومع ذلك فمن السهل أن اقرر أن مدرسة الطب قد ازدهرت ازدهارا ملحوظا حين انضمت إلى الجامعة في عهدها الجديد، فقد ضخمت ميزانيتها، واتسعت مبانيها، ومضت إلى آفاق لم يفكر فيها أبناؤها الأولون
استطاعت كلية الطب بفضل أساتذتها وخريجيها أن تقوم بعقد مؤتمرات سنوية في مختلف البلاد العربية، وهي مؤتمرات تعرف فيها أطباء العرب بعضهم إلى بعض، وتلاقت فيها قلوب لم يتيسر لها التلاقي قبل تلك المؤتمرات، وان وجد حلف عربي بعد زمن قصير أو طويل فسيذكر التاريخ أن لأعضاء الجمعية الطبية المصرية يدا مباركة في إيجاد الحلف المنشود، ولعله قريب!
فان كنتم في ريب من أحياء مدرسة الطب بعد أن صارت كلية فتذكروا اسم الدكتور علي باشا إبراهيم، فاعظم منصب كان يصل إليه مثل هذا الرجل العظيم هو أن يكون وزيرا، وقد كان، ولكنه ما كان يصل إلى منصب مدير الجامعة المصرية لو ظلت تلك المدرسة بمنأى عن الحرم الجامعي، وخلق الوزراء سهل جدا في العهود البرلمانية، أما خلق شخصية تتولى إدارة الجامعة فهو رهين بالأهلية الجامعية
وهنا أعقب على معالي الدكتور علي باشا إبراهيم بمناسبة الجواب الذي قدمه إلى مجلة الاثنين وقد سألته عما يختار من ألقابه الكثيرة فاختار لقب (الجراح)
وإنما اوجه إليه هذا العتب، لان براعته في الجراحة لم تكن المؤهل الوحيد لصلاحيته