ثم قيل: إن كلية الآداب أطالت التأسف والتحسُّر على مصاير التعليم الثانوي، وإنها فرضت على وزارة المعارف أن تكف يدها عن ذلك التعليم لتطبّ له بالأساليب الجامعية المصرية فتصيّره غاية في القوة والعافية.
فماذا صنعت كلية الآداب وقد زعمت أنها تقدر على ما لا تقدر عليه وزارة المعارف من إحياء الموتى وهي رَميم؟
أشارت بالاستغناء عن الواجبات التحريرية في النحو والصرف والبلاغة لتنقلب الدروس إلى محاضرات (!) وأشارت أيضاً بأن يُترك المدرسون لضمائرهم فيما يأخذون وما يدعون (!) ولم يبق إلا أن تشير بحرية المواظبة لتتمَّ (النعمة الجامعية) على أولئك التلاميذ!
فإن قيل: وأين وزارة المعارف؟ فأنا أجيب بأن وزارة المعارف موجودة بالفعل، وإلا فمن الذي يوزع المنشورات التي تصدرُ عن كلية الآداب (وتوزيع المنشورات يحتاج على رجال!).
وهنا أذكر شيئاً من التناقض المزعج، أذكر أن كلية الآداب قد توفَّق إلى خاطر طريف يحبِّب التلاميذ في اللغة العربية، كالذي اتفق في (مسابقة الأدب العربي لطلبة السنة التوجيهية) ولكنها تترك تحقيق مثل هذا المشروع لمراقبة الامتحانات بوزارة المعارف. ومراقب الامتحانات لم يكلف نفسه دعوة نظار المدارس والمدرسين الأوائل للنظر في توجيه الطلبة إلى هذه المسابقة الطريفة؛ فكانت النتيجة أن اكتفت كل مدرسة باختيار بعض الطلبة للمسابقة في الأدب، كما تختار بعضهم للمباراة في الألعاب!
إن كان مشروع المسابقة من ابتكار وزارة المعارف فكيف تتركه لرجل بعيد من الحياة الأدبية؟ وإن كان مشروع المسابقة من ابتكار كلية الآداب فكيف تتركه لمراقب الامتحانات بوزارة المعارف؟
أين المسئولية في هذا الشأن الدقيق؟ ومن الذي يحتمل وِزْرها الثقيل؟
أشهد أن سيطرة كلية الآداب على السنة التوجيهية حقٌ في حق، فقد أرَّق كاتب جفونها في الأعوام الماضية لاختيارها كتاب (نقد النثر) وكانت حجته أنه لا يصلح للمطالعة بحال من الأحوال، وقد استجابتْ الكلية لندائه فسحبتْ ذلك الكتاب، ولكنها مع ذلك كلفت وزارة المعارف أن تذيع منشوراً يقول: إن كتاب (نقد النثر) مرجع لأكثر النصوص المقررة في