التعريف بهما وشرحاً لما قد يكتنفهما من غموض وغرابة.
(البانوميم) لون من ألوان التمثيليات ابتدعته روما لمجرد (التسلية) وتستمد موضوعاته من الأساطير غالباً. وبينما تنشد الجوقة أناشيدها يؤدي الممثل دوره برقص معبر يعتمد على الحركة لا أكثر. وقد زاد الممثل اليوناني بيلادس الذي أسلفنا ذكره عدد أفراد الأوركسترا زيادة كبيرة؛ وهذا هو مصدر شهرته. وكان للروايات مناظر مناسبة، ولكن لم يزد عدد الممثلين عن ممثل واحد فقط يكون بمختلف الأدوار مستعيناً على أداء كل منها بالتقنع بقناع خاص به. ويعتبر باثيلس أشهر ممثلي البانتوميم وقد بلغت شهرته إلى حد أن اسمه صار يطلق على كل من يمثل هذا اللون.
أما (الميم) فقد عرفه الدوريون والسيراكوزيون في حالة ساذجة. ويعد هيروداس (٣٠٠ - ٢٥٠ ق. م.) من أبرع واضعيه. والى هنا لا يمكن اعتباره فناً بالمعنى الصحيح بل لا يعدو أن يكون تصويراً تهكمياً لبعض حوادث الحياة اليومية العادية في المدن مقصوداً به (تسلية) الجمهور بين فصول الروايات التمثيلية، وقوامه الحركة المعبرة بمصاحبة الآلات الموسيقية وأهمها (الفلوت) وبغير كلام إطلاقاً. ثم ظل يتطور إلى أن صار فناً في القرن الأول ق. م. منذ استطلاع لابريس أن يتخذاه وسيلة هامة من وسائل النقد اجتماعياً وسياسياً. ومما يجدر ذكره أن البانتوميم أدى إلى انحطاط التراجيديا، وكذلك أدى الميم إلى انزواء الكوميديا.
ويعزى شيوع هذين الفنين وبين الرومان إلى أن مجتمعهم كلن مكوناً من طبقتين: قلة ضئيلة مثقفة مؤمنة بعظمة التراث الإغريقي وتحاول تقليده. . . وكثرة عابثة تنشد التسلية ولا تحس بصلة بينها وبين ذاك التراث الغريب عنها. فاتجاه الفئة الأولى نحو الإغريق باعد بين الجماهير والأدب فأصبحوا يكرهون التراجيديا ويفضلون عليها الملاهي بصفة عامة. وانتهى الأمر بأن هجروا المسارح التي تقدم مسرحيات يونانية مترجمة أو مقتبسة إلى دور تعرض البانتوميم والميم.
وأظن في هذا الكفاية ولا بأس من العودة لى حديثنا المعتاد.
المسرح وقيمته الاجتماعية
الفن المسرحي فن اجتماعي الغاية والوسيلة معاً. فهو بواسطة مجتمع مصغر فوق المسرح