بين الولد وأبيه. كأن بضعة السنين التي بينهما قد أقامت بين تفاههما حواجز العصور!
من هنا يدرك القارئ السبب في وجود هذا البعد الكبير بين نفسية (الزهاوي) وبين نفسية شباب اليوم وسبب نقمتهم على أدبه، ومع ذلك فقد أرضى (الزهاوي) كثيرا من نزعات الشباب وأفكاره، ودافع عن تلك الرغبات دفاعاً شغل حياته الطويلة ووسمها بسمات لا يستطيع مؤرخه إهمالها، فقد كان من مناصري المرأة والسفور والتجدد، وظل كذلك إلى آخر حياته، برغم ما جرته عليه هذه الأفكار من المتاعب له، ومن هنا أيضاً تتضح لنا أهمية الرجل في العصرين اللذين كان له نصيب الحياة فيهما، ومدى تأثيره في كليهما
وبعد فهل يحق لنا أن نتفاءل بهذه الحركة التي قام بها بعض المعجبين بأدب الزهاوي؟ وهل لنا أن ننتظر منهم غير ما تعودنا انتظاره في مثل هذه الحال من دراسة منتظمة لعصره وحياته وآثاره، أم لا تزيد هذه الهيجة على نصب تمثال له فقط؟
على كل حال، إننا ننتظر ونأمل أن تتشكل لجنة من المعجبين بشعره من الأدباء لتدوين تاريخ حياته، لأنه والحق يقال، قد كون في حياته فصلا كاملاً لحياة العراق في ملتقى عصرين مهمين من حياة البشرية