للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لست بظمآن، أو بعبارة أخرى إنك لن تستفيد من الأشياء المقدمة إليك أو الموضوعة تحت تصرفك إذا لم يكن في داخل نفسك ما يدفعك لذلك. فهذا العطش، هذا الدافع الباطني الذي هو في الحقيقة قوة محركة للإنسان من ثمرة الدين وخليقته.

إن فائدة الدين العظمى هي الطموح الذي يوجده ويربيه في الإنسان أن يعيش سعيداً صالحاً. صحيح أن الداعي للسلوك الحسن لكثير من الناس هو خوف العقاب أو أمل الثواب سواء أكان عاجلا أم آجلا. وإن بعض الأديان ومنها الإسلام تقدم صورتين لامعتين للجنة وجهنم المعدتين للصالحين والطالحين بعد الموت. ولكن عند الطباع العالية ذوات القوى القوية لا قيمة لتلك الدواعي فإنها مثل صوت السوط أو إراءة العشب للحصان الذي لا يجري. فهي ليست مؤثرة أثراً ثابتاً مثل الداعي الروحاني العالي الذي يخلقه الدين الحق في الإنسان للحياة الصالحة. إنني لا أقدر أن اشرح لك هذه النقطة أكثر من ذلك بغير الخروج عن الموضوع والدخول في المباحث الفلسفية الدقيقة. لذلك يكفي أن أقول لك إن الداعي الديني الروحاني خير من جميع الدواعي الأخرى للسير الحسن والحياة الصالحة. فإنه يعترف بروحانية الإنسان ويساعدها للاستيلاء على حيوانيته. قال الشاعر الفارسي:

آدمي زاده طرفه معجوني أست

إز فرشته سرشته وإز حيوان

كر كندميل أين شودكم أزين

وركند قصد آن شود به آزان

وترجمته:

(إن الإنسان مركب غريب

قد ركب بالملكية الحيوانية

فإذا مال إلى الحيوانية اتضعت رتبته عنها

وإذا قصد الملكية ارتفعت منزلته عنها)

إنه الدين الحق الذي يمكن الإنسان من أن يفوق الملائكة في الصلاح والتقوى وهو ما بينه السر أوليفرلودج أيضاً في كتابه (جوهر الدين حليف العلم) فاقرأه.

ثم هناك فائدة أخرى للدين وهي أن كثيراً ما تتوخى القيام بأعمال جمة، ولكن لا تقدر أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>