أما الملك فقد جرده اللصان من ملابسه إلا قميصه وسرواله، ثم أوقفاه أمام المرآة، وأخذا يروحان ويجيئان، ويرفعان أيديهما ويضعانها، ويديران الملك أمام المرآة ليرى الحلة الجديدة، وأفراد الحاشية وقوف بين متعجب ومسرور، ثم صاح اللصان أن قد تم كل شيء فتقدم الخدم إلى رفع الذيل الموهوم لتلك الحلة الخيالية، وسار الملك في طليعة السائرين، والوزراء والأعيان حوله ووراءه، والنساء مطلات من المنافذ والشرفات، والناس منهومون بالنظرات. وما وقعت عيونهم عليه حتى علا الصياح يشق جوف الفضاء:(ما أجمل الثوب، وما أبدع الذيل)!!. . .
وهكذا ظل كل إنسان يخدع نفسه ويكذب عينيه، ظناً منه أنه وحده قد عجز عن رؤية الثوب، وأن الباقين يرونه كما يرى بعضهم بعضاً. واستمر الحال كذلك برهة والناس جميعاً خادعون ومخدوعون، ثم صاح طفل ساذج:(ليس على الملك ثوب جديد! الملك عريان!) فبهت الجميع. . . ثم صاح شيخ كهل:
(اسمعوا صوت الحق، اسمعوا صوت الطبيعة التي لا تعرف الملق والنفاق). فاغتم الملك غماً شديداً إذ علم أن ما قاله الطفل حق صراح، يبصره هو ويشعر به، ثم عاد أدراجه بين سخر الساخرين، واستهزاء الضاحكين.