تخلق الأمم كما تخلق الفرد وجب ألا يغيب عن أذهاننا تأثير هذه الظروف والعوامل حين الحكم على مصر التي تجاهد الأيام لاستعادة عظمة القرون الأولى.
فإذا أردت أن أتحدث عن شيء فيها فأنا أتحدث عن أقوى العوامل أثرا في تكوينها، وهو المرأة في مختلف أطوارها وأدوارها ومسؤولياتها وواجباتها.
وقد يبدو للنظرة الأولى أن أثرها ضئيل، فما وجه العلاقة والخطر بين هذا المخلوق الخانع قليل الحظ من العلم ومن عظمة الأمة ومجد الوطن؟
لقد قضيت الآن في مصر ثلاث سنين شعرت فيها بجاذبية غريزية تجذبني نحو المرأة، واغلب ظني أنها تحتاج إلى عناية اكثر وجهد أوفر، فأنها أس الحركة الروحية وجماع الأسرة وروحها الجياشة وشريك الزوج ومربية الأطفال وربة الدار.
ولقد استطعت أن اقدر وأنا أعيش في بيئة مصرية محضة أن المرأة لا تستطيع أن تكون كل ذلك إلا إذا بذلت أعظم مجهود وتغلبت على كل صعوبة فأنها ما تزال ترسف في أغلال العادات وتعليمها لا يزال ناقصا، وشعورها العميق الذي ولده التقليد القديم بأنها مخلوق تافه الشأن ضئيل الوجود يقتل في نفسها أسمى معاني الحياة.
وهي بطبيعتها مقلدة غير مستقلة، فكم شاهدت سيدات الأسرة الواحدة لا يختلفن في القناع والمعطف والفراء وقد نبذن عصابة الرأس الشرقية التي كانت تلائم الوجه الشرقي كل الملائمة.
على أن البدء عسير عادة، والمرأة المصرية ما تزال في خطوات التطور الأولى، بل قد يكون البدء في بعض الأحيان مثيرا للإشفاق والنقد، فإننا إذا لاحظنا زينتها وتجملها رأينا ما يبعث أحيانا على السخرية، فليس اضحك من وجه شرقي الملامح زاد الكحل عينيه الدعجاوين سوادا، وشفتين خضبهما الأحمر القاني، وشعر قد حاله الأوكسجين إلى اصفر فاقع.
فنصيحتي إلى المصرية العزيزة أن القصد والبساطة في التجمل والزينة هما سر رشاقة المرأة وأناقتها.