ومن يدري، فقد يقوم بين رجال الجامعة من يسأل: وما هي مؤهلات شوقي الجامعية حتى ينشأ له كرسي باسمه في كلية الآداب؟ هل تخرج في كلية الآداب؟ أو هل منح درجات علمية معترفاً بها؟.
إن الحياة كثيراً ما تكون أقدر على إعداد المرء ثقافياً وعلمياً من الجامعة. وقد أعترف جورج برنادشو بأنه لم يدخل جامعة ولا معهداً عالياً، وأنه كان خامل الذكر في دراسته الابتدائية. وعندنا في مصر الأستاذ سلامة موسى، فقد اعترف بأنه لم يهيئ لنفسه دراسة عالية نظامية في جامعة أو في سواها من معاهد الثقافة الرفيعة، وإنما غرف ثقافية من العلم المشاع في المكتبات مرتكناً على قوة ذاتيته وصدق عزيمته.
وأمامنا الأستاذ عباس محمود العقاد، الذي يكفي أن يقدم كتاباً من كتبه - بغير اختيار - إلى الجامعة لينال عليه درجة الدكتوراه. ولكن هذا لن يحدث في مصر، لأن على الأستاذ قبل ذلك إن ينال درجة الليسانس، تتلوها درجة الأستاذية، ثم مرتبة الدكتوراه!
وعندنا كذلك الأستاذ فؤاد صروف الذي كان اول من كتب في مصر عن تحطيم الذرة، وفلق نواتها، وإطلاق الطاقة الذرية من عقالها واستخدامها في شؤون السلم وامور الحرب. وكان من اقدر الذين تعمقوا في درس علوم الطبيعة وسائر العلوم، وله في ذلك مؤلفات تنم عن تأصل وتثبيت واقتدار. وكان من الذين ابتدعوا مصطلحات علمية لمترادفات لها اعجمية، فقال عن الكلوروفيل (اليخضور)، وعن الهيموجلوبين (اليحمور)، وعن الأسمنت المسلح (الأبرق)، وعن الإيستوب (النظير) وما إلى ذلك. . . وكل سفر من مصنفاته يعده بدون أدنى شك للظفر بدرجة الدكتوراه من أكبر جامعات العالم، أما في مصر فلا.
وقد يذكر قراء الرسالة أنني اقترحت من نحو عام على جامعة فؤاد أن تمنح درجة الدكتوراه الفخرية لرواد الحركة الفكرية الحديثة في مصر ولأقطاب السياسة وفقائها المعاصرين. وذكرت يومها أسماء الأساتذة: فؤاد صروف، وأحمد أمين بك، وأحمد حسن الزيات، وأنطون الجميل باشا، وخليل ثابت باشا، وخليل مطران بك، ومحمود تيمور بك، وسابا حبشي باشا، وإسماعيل صدقي باشا، وعبد العزيز فهمي باشا، وقلت يومئذ: إن هؤلاء جميعاً يستحقون الدكتوراه الفخرية اعترافا من جامعات مصر بالخدمات الجليلة التي أسداها كل منهم في ناحية من نواحي الحياة العامة. ولكن الجامعة لم تأخذ بهذا الرأي، وإن